٢٤٦ ـ التقيّة المداراتيّة
وهي من أقسام التقيّة بالمعنى الأخص ، والمراد منها مسايرة العامة في أقوالهم ومتبنّياتهم رغم عدم ترتب الضرر على المخالفة.
ومنشأ التعبير عن هذا النحو من التقيّة بالمداراتية هو انّ الحكمة من تشريعها هو مداراة العامة وتألّفهم وتوحيد الصف الإسلامي وبيان ما عليه الشيعة من الخلق الرفيع والسماحة في التعامل المعبّرة عن الروح الأخويّة التي ينعم بها المذهب الشيعي « أعزّه الله تعالى ».
وقد دلّ على مشروعيّة التقيّة المداراتيّة مجموعة من الروايات ، منها معتبرة هشام بن الحكم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « ايّاكم ان تعملوا عملا نعيّر به ، فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم اليه زينا ، ولا تكونوا علينا شينا ، صلّوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، ولا يسبقونكم الى شيء من الخير ، فأنتم أولى به منهم ، والله ما عبد الله بشيء أحبّ اليه من الخباء » قلت : وما الخباء؟ قال عليهالسلام : « التقيّة » (١٠).
وهذه الرواية تعبّر عن انّ الاختلاف الفكري والعقيدي بيننا وبين سائر المذاهب لا ينبغي أن يحول دون معاشرتهم بالمعروف ومسايرتهم في ترك ما يأنفون فعله أو فعل ما يستمجّون تركه ، وهذا النحو من التقيّة لا يختصّ بحالات الخوف من الضرر المحتمل وقوعه عند المخالفة والمنافرة ، وذلك لاطلاق بعض الروايات واشتمال البعض الآخر على حكمة التشريع لهذا النحو من التقيّة ، ومن هنا فرّع السيد الخوئي رحمهالله على ذلك مشروعيّة هذا النحو من التقيّة حتى في حالات ضعف العامّة وذهاب شوكتهم ، وذلك في مقابل دعوى