التحريم ، إذ انّه يستوجب حرمان المكلّف ، وهذا ما يستبطن تقييده وحبسه المساوق للكلفة ، فالتحريم كالإيجاب يمنع المكلّف عن الاسترسال مع مشتهيات النفس ، فهو ينافي السعة ويناسب المشقّة ولو النفسيّة.
وبهذا البيان يتّضح انّ التكليف لا يشمل المستحبّات والمكروهات ، لأنّ المكلّف في سعة من جهتها إلاّ انّه قد يقال بصدق المعنى اللغوي عليها ، وذلك لأنّ التكليف ـ كما قلنا ـ هو تحميل الغير بما فيه مشقّة وتعب ، فالمناط في صدق التكليف هو متعلّقه ، فإن كان فيه كلفة زائدة فهو تكليف بقطع النظر عن لزوم الالتزام به أو عدم لزومه ، إذ لم يؤخذ في مفهوم التكليف لغة قيد الإلزام بل يكفي في صدق التكليف ان الالتزام به ولو من غير ملزم موجب لتحمّل الكلفة والمشقّة ، ولهذا يصحّ أن يقال : انّ زيدا قد تكلّف صوم يوم مستحبّ أو الإنفاق على جيرانه وان كان لا ملزم له بالقيام بذلك.
هذا كلّه بحسب المدلول اللغوي لعنوان التكليف ، وأمّا بحسب الاصطلاح فإنّ التكليف يطلق ويراد منه الأحكام الشرعيّة المتّصلة بفعل المكلّف ابتداء ، فهي امّا ان تعني اعتبار الفعل على عهدة المكلّف ودينا ، وهذا هو المستحب ، وامّا اعتباره مرجوحا دون اعتبار المكلّف محروما منه ، وهذا هو المكروه. وتارة يعتبر الفعل غير مترجّح من حيث ارتكابه وعدمه ، وهذا هو الإباحة بالمعنى الأخصّ.
وبهذا تكون الأحكام التكليفيّة اعتبارات شرعيّة متّصلة بفعل المكلّف ، ولمزيد من التوضيح راجع الحكم التكليفي والحكم الوضعي.
* * *
٢٤٨ ـ تمايز العلوم
راجع عنوان « موضوع العلم ».