٢٤٩ ـ التنجيز والتعذير
التنجيز والتعذير هو المراد من الحجيّة الاصوليّة ، والمراد من التنجيز المقابل للتعذير هو ثبوت المسئوليّة على المكلّف ، فحينما يقال انّ هذا الحكم منجّز على المكلّف فمعناه انّ المكلّف مسئول عن امتثاله.
والتنجيز تارة يثبت بواسطة الجعل الشرعي وتارة لا يكون كذلك بل يكون ثبوته بواسطة الجعل الشرعي مستحيلا.
أمّا ما يثبت بواسطة الجعل الشرعي فهو الحكم الواصل بطريق الظنّ المعتبر ، فلو لا اعتبار الشارع للظن وجعل الحجيّة له لما كان الحكم الواصل بواسطته منجزا ، أي مثبتا للمسئوليّة على المكلّف تجاهه. والواقع انّ الجعل هنا لا يقع على التنجيز ابتداء بل انّ الجعل الشرعي واقع على الطريق الظني ، وبجعل الحجيّة للطريق الظني يتنقح موضوع التنجيز ، فموضوع التنجيز هو الحكم الصادر عن المولى جلّ وعلا ، والظن ليست له صلاحيّة اثبات ذلك إلاّ بواسطة الجعل الشرعي ، فمتى ما تحقق الجعل الشرعي للطريق الظني اكتسب صلاحية الكشف عن الحكم الشرعي والذي هو موضوع التنجيز.
فتنجّز الحكم الشرعي حكم عقلي مدرك بواسطة العقل العملي ، وهذا المدرك هو المعبّر عنه بحقّ الطاعة للمولى جلّ وعلا.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية رحمهالله من انّ المجعول في الامارات هو المنجزية والمعذرية فمعناه انّ الشارع جعل الحجيّة للأمارات وعندها تنقح موضوع الحكم العقلي والذي هو المنجزيّة والمعذريّة ، وسيأتي ايضاح ذلك تحت عنوان « المنجزيّة والمعذريّة ».
وأمّا التنجيز الذي يثبت بغير الجعل الشرعي فهو التنجيز الثابت بواسطة القطع. والقطع هنا أيضا ليس