٢٧٥ ـ الجملة الإنشائيّة
اختلف الأعلام فيما هو المراد من الإنشاء ، فذهب المشهور الى انّ الإنشاء معناه ايجاد المعنى الاعتباري ـ باللفظ في عالم الاعتبار العقلائي.
وبيان ذلك : انّ للعقلاء مجموعة من الاعتبارات والمتبنّيات نشأت عن مبرّرات عقلائيّة مرتبطة بشئونهم الحياتيّة سواء منها الفرديّة أو الاجتماعيّة ، وكذلك ما تقتضيه علاقتهم مع الكون والدين ، على أساس كلّ ذلك نشأت الاعتبارات العقلائيّة ، كالزوجيّة والملكيّة والولاية والوجوب والحرمة والاستفهام والتمنّي والترجي وهكذا.
ودور الجملة الإنشائية انّما هو خلق فرد حقيقي لنحو من أنحاء هذه الاعتبارات ، فقول البائع « بعت » والمشتري « قبلت » ايجاد لفرد حقيقي ـ بواسطة هذه الألفاظ ـ لما هو معتبر عقلائيا ، فالعقلاء اعتبروا ـ وقبل صدور هذه الألفاظ من أحد ـ التمليك والتملّك كلّما صدر هذا القول من شخصين ، ومن أجل هذا ينخلق فرد حقيقي للتمليك والتملّك بمجرّد صدور هذا القول من شخصين.
ومن هنا قالوا انّ الإنشاء هو ايجاد المعنى الاعتباري حقيقة بواسطة اللفظ إلاّ انّ وعاء ذلك الوجود هو عالم الاعتبار العقلائي.
ويترتّب على ذلك انّ الجملة الإنشائيّة لا تكون انشائيّة لو لم يكن لمضمونها منطبق في عالم الاعتبار ، فلو قال شخص « ملكت كلّ شيء على هذه الأرض » فإنّ هذا القول لا يترتّب عليه الملكيّة في عالم الاعتبار لعدم وجود اعتبار عقلائي قاض بأنّه كلّما قال شخص ذلك تحقّقت الملكيّة الاعتباريّة ، ومن هنا لا تكون هذه الجملة انشائيّة ، لعدم وجود منطبق لها في عالم الاعتبار وعندئذ لا ينوجد بها