مستوجبا للوقوع في العسر والحرج فإنّ المعلوم من الشارع اهتمامه بعدم وقوع المكلفين في العسر والحرج ، وهذا ما ينفي الحسن عن الاحتياط لانتفاء الحيثيّة التعليليّة لحسنه.
ومع ذلك لا يسقط الاحتياط بتمام مراتبه بمجرّد استلزام الاحتياط التام لاختلال النظام أو العسر والحرج فإنّ سقوط الاحتياط انّما هو لمزاحمته لهذين الملاكين فالساقط عندئذ هو المزاحم لهما لا مطلقا ، ومن هنا يظلّ العقل مدركا لحسن الاحتياط في المرتبة التي لا تكون مزاحمة لأحد هذين الملاكين ، وهذه المرتبة هي المعبّر عنها بالتبعيض في الاحتياط أو الامتثال الظني إن لم تكن هذه المرتبة مزاحمة أيضا للملاكين المذكورين وإلا فمع مزاحمتها لهما فإنّ ما يدركه العقل عندئذ من حسن الاحتياط هو مرتبة الامتثال الاحتمالي.
* * *
٣١ ـ الاحتياط في التعبديات
والغرض من عقدهم هذا البحث هو ما وقع من اشكال في امكان الاحتياط في الاحكام التعبديّة وإلا فالأحكام التوصليّة ـ والتي لا يكون الغرض منها سوى تحقق متعلّقها في الخارج ـ فلا مسرح للإشكال في امكان الاحتياط في موردها ، فلو وقع الشك في وجوب دفن هذا الميت لاحتمال إسلامه وعدم وجوبه لاحتمال كفره فلا ريب في انّ مقتضى الاحتياط هو ايقاع الدفن وليس من محذور يترتب على هذا الاحتياط ، وذلك لتوفّره على الحيثية التعليلية القاضية بحسنه والتي هي التحفّظ على الواقع ، إذ لعلّ الواقع هو وجوب الدفن.
انّما الكلام في الاحكام التعبديّة المتقومة بقصد الوجه وقصد الامر المولوي ، وهنا صورتان :
الصورة الاولى : لو دار الأمر بين