بحكم موضوعا لنفس ذلك الحكم ، وهذا معناه إناطة ثبوت الفعلية للحكم بالعلم بثبوت الفعلية له ، وذلك لأنّ افتراض العلم بالحكم موضوعا يقتضي ترتّب ثبوت الحكم على تنقّح وتحقق موضوعه في رتبة سابقة كما هو مقتضى علاقة الموضوعات بأحكامها ، فأولا يتحقق الموضوع وعندئذ يترتب عليه الحكم ، فحينما يقال « اذا استطعت وجب عليك الحج » فهذا معناه اناطة فعلية الوجوب للحج بتحقق الاستطاعة فما لم تتحقق الاستطاعة لا يكون الحج واجبا.
ومثال الفرضية المذكورة هو اعتبار العلم بحرمة الخمر موضوعا لحرمة الخمر ، وهذا معناه انّ ثبوت الفعلية لحرمة الخمر منوط بتحقق العلم بثبوت الفعلية لحرمة الخمر ، وذلك لافتراض العلم بفعلية الحرمة موضوعا لثبوت الفعلية لحرمة الخمر.
وباتضاح ذلك يتضح استحالة هذه الفرضية لاستلزامها الدور. وبيان ذلك يتم بواسطة الالتفات الى هذه المقدمات :
المقدمة الاولى : انّ افتراض شيء موضوعا أو جزء موضوع لحكم يقتضي تأخر ثبوت الحكم عن وجود الموضوع المفترض ، فالحكم عدم ما لم يتقرّر موضوعه المفترض خارجا ، ولهذا قالوا انّ الموضوع مولّد للحكم وانّ نسبته للحكم نسبة العلة لمعلولها ، فالموضوع يقع في رتبة العلة والحكم يقع في رتبة المعلول.
المقدمة الثانية : انّ العلم بالحكم إذا افترضنا أخذه موضوعا لنفس ذلك الحكم فمعنى ذلك انّ العلم بالحكم لا بدّ وان يوجد قبل وجود نفس الحكم ، إذ انّ هذا هو مقتضى كون العلم بالحكم واقعا في رتبة الموضوع للحكم ، ومعنى ذلك انّ العلم بالحكم هو المولّد والعلة للحكم.