المقدمة الثالثة : انّ العلم والقطع بشيء معناه ثبوت ذلك الشيء المقطوع في نفس الأمر بغض النظر عن القطع به ، وان القطع به ليس له سوى دور الكشف عن المقطوع ، فلا هو سابق على المقطوع ولا هو مولّد له بل هو متأخر عنه تأخّر الكاشف عن منكشفه.
وباتضاح هذه المقدمات يتضح استلزام الفرضية المذكورة للدور ، إذ انها تفترض انّ الحكم مترتب على العلم به ، وهذا يعني انّ الحكم متأخر عن العلم بالحكم تأخر الحكم عن موضوعه ، ولمّا كان الموضوع هو العلم بنفس الحكم ـ كما هو المفترض ـ فهذا معناه وجود الحكم في رتبة سابقة عن وجود الموضوع ، وهذا لأنّ العلم متأخر عن معلومه ، وذلك يعني انّ الحكم يكون متأخرا ومتقدما ، اما انّه متأخر فلأنه واقع في رتبة الحكم واما انّه متقدم فلافتراض ان موضوع الحكم هو العلم به والعلم بشيء فرع وجود المعلوم في رتبة سابقة عن العلم به.
ويمكن تقريب الدور بشكل آخر ، يراجع في محلّه.
* * *
٣٩ ـ اخطارية المعاني الاسميّة
ذهب المحقق النائيني رحمهالله الى انّ المفاهيم الاسميّة مفاهيم اخطارية ، أي انّ لها تقرّر وثبوت في الذهن ، فهي نظير الوجودات العينية في الخارج ، فكما انّ الوجودات العينية ـ وهي الجواهر ـ وجودات متقررة ومستقلة في عالم الخارج ولا يناط وجودها بوقوعها في اطار موضوع بل هي موجودة في نفسها لنفسها فكذلك المعاني الاسمية في عالم الذهن ، فإنّها وجودات استقلالية ولا يناط وجودها في عالم الذهن بموضوع من قبيل المركب اللفظي بل تنقدح في