٤٠ ـ الإرادة
وهي تطلق على معنيين :
المعنى الاول : هو الحبّ والشوق البالغ مرتبة تستدعي سعي المريد لتحقيق المراد ، وهذا المعنى يقتضي البناء على ان الإرادة من الكيفيات النفسانية المتخلقة في النفس بسبب مقدمات مرحلية تنشأ الإرادة عند آخر مرحلة منها ، فأولا يتصور الذهن الفعل ثم يتصوّر فائدته وحين يحصل التصديق والإذعان بالفائدة تنقدح الرغبة والشوق للفعل وهذا الشوق هو المعبّر عنه بالإرادة.
والإرادة بهذا المعنى لا تستتبع وجود المراد بل يتوسط بينها وبين المراد الاختيار. ولهذا فالإرادة بهذا المعنى قد تتعلّق بالمستحيل.
المعنى الثاني : وهو إعمال القدرة والسلطنة المعبّر عنه بالمشيئة ، وهي تعني إحداث الفعل وإيجاده من العاقل الملتفت ، وهذا المعنى للإرادة هو أحد معاني الاختيار.
ولا تخفى الطوليّة بين المعنيين ، فإنّ إعمال القدرة مرحلة متأخرة عن الشوق الأكيد ، على انّ بين المعنيين عموم من وجه ، فقد يتحقق الشوق ولا يترتب عليه إعمال القدرة والسلطنة كما انّه قد يتحقق إعمال القدرة والإحداث والإيجاد ولا يكون منشؤه الشوق كما هو في المشيئة الإلهية ، فإنّ المشيئة الإلهيّة تعني الإرادة واعمال القدرة ـ والتي هي من صفات الأفعال ـ ولا يناسب ساحته المقدسة انسباق المشيئة بالشوق أو تكون إرادته بمعنى الشوق والذي قلنا انه من الكيفيات أو الافعال النفسانية.
ومن هنا ذكر بعض الأعلام انّ الإرادة المناسبة للإنسان تتمحض في المعنى الاول وأما المعنى الثاني فهو الاختيار المسبوق بالإرادة بالمعنى الاول.
* * *