٣٣٤ ـ دلالة الاقتضاء
والمقصود منها ظهور الكلام في معنى بواسطة ما تقتضيه المناسبات العقليّة أو العقلائيّة أو الشرعيّة أو العرفيّة أو اللغويّة ، بمعنى انّ الكلام بنفسه وبقطع النظر عن هذه المناسبات لا يقتضي الظهور في ذلك المعنى.
وبهذا يكون كلّ معنى استظهر من الكلام بواسطة احدى هذه المناسبات يكون مدلولا لدلالة الاقتضاء.
وبقولنا « ظهور الكلام » يتّضح انّه لا بدّ وان تكون هذه المناسبات بمستوى توجب انعقاد الظهور للكلام فيما يناسبها بحيث يكون المتفاهم العرفي من الكلام هو ما تقتضيه هذه المناسبات وانّ ما يقتضيه حاقّ اللفظ بقطع النظر عن هذه المناسبات غير مقصود للمتكلّم بنظر العرف.
ومثال ذلك قوله تعالى : ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) (١) فإنّ العرف يفهم انّ المقصود من الآية الشريفة هو سؤال أهل القرية ، وذلك لمناسبة عقليّة وعقلائيّة.
أمّا المناسبة العقليّة فهي انّ الدور والأفنية والحيطان ـ والتي هي مدلول لفظ القرية ـ لا يمكن أن تسأل فتجيب وانّما الذي يمكن ان يسأل فيجيب هم القاطنون في تلك القرية من العقلاء ، وأمّا القرينة العقلائيّة فهي انّ المفترض كون المتكلّم من العقلاء ، وإذا كان كذلك فمن العبث ان تتعلّق إرادته الفعليّة بما يتعذّر وقوعه ولو عادة.
وهذه المناسبة العقليّة والعقلائيّة هي التي اقتضت ظهور الآية الشريفة في انّ المراد من سؤال القرية هو سؤال أهل القرية وإلاّ فألفاظ الآية الشريفة لا تساعد على هذا الظهور.
واتّضح ممّا ذكرناه انّ هذه المناسبة في الوقت الذي تقتضي المعنى المذكور تمنع من ظهور الآية في المعنى الآخر والذي هو مفاد المدلول اللفظي. وهذا هو معنى انّ دلالة الاقتضاء لا بدّ وان تكون بمستوى الظهور العرفي.
ولمزيد من التوضيح نذكر مثالا آخر وهو قوله تعالى : ( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ ) (٢) فإنّ