والذي هو الأكبر لموضوعه وهو الأصغر.
ولغرض توضيح المطلب نشكّل قياسا نتعرّف بواسطته على الحدّ الاوسط والذي هو الحجّة بحسب هذا التعريف.
العالم متغيّر
وكلّ متغيّر حادث
.. العالم حادث
فالحد الأوسط في هذا القياس هو عنوان « متغيّر » فهو الحدّ المشترك والمتكرّر في المقدّمتين « الصغرى والكبرى » وبواسطته ثبت لنا انّ « العالم حادث » فهو واسطة في الكشف عن ثبوت الحدّ الأكبر ـ والذي هو محمول النتيجة ـ للحدّ الأصغر وهو موضوع النتيجة ، فلو لا اشتراك العالم وكلّ حادث في التغير لما أمكن اثبات الحدوث للعالم.
وبما ذكرناه يتّضح المراد من قول المناطقة انّ الحجّة هي الوسطية في الإثبات ، فمرادهم من ذلك هو الحدّ الأوسط الذي يتوسّل به للتعرّف على ثبوت الحدّ الأكبر للحدّ الأصغر.
* * *
٢٨٢ ـ الحجيّة الاصوليّة
المراد من الحجيّة الاصوليّة هو الأدلة الاجتهاديّة المعتبرة شرعا والتي تكون طريقا لإثبات متعلقاتها ولا يكون بينها وبين متعلقاتها أيّ رابطة واقعيّة ، بمعنى انّ دور الأدلة الاجتهاديّة المعتبرة شرعا يتمحّض في الكشف دون أن يكون بينها وبين متعلقاتها علاقة التلازم أو العليّة مثلا ، فدليليّة البيّنة على خمرية هذا السائل لا تعبّر عن علاقة واقعيّة بين البيّنة وبين خمريّة هذا السائل بل انّ خمرية هذا السائل لو كانت ثابتة واقعا فهي ناشئة عن أسبابها التكوينيّة ، وليس للبيّنة سوى دور الكشف عن ثبوت الخمريّة لهذا السائل ، وهكذا الكلام في كاشفيّة الأمارة المعتبرة عن الحكم الشرعي ، فإنّها لا تعبّر عن علاقة واقعيّة بين الأمارة وبين ثبوت الحكم لموضوعه بل انّ ثبوت الحكم لموضوعه ناشئ عن ملاك في متعلّقه اقتضى جعل الحكم واعتباره شرعا.