أدركه العقل إلاّ أن يقوم الدليل على حجيّة هذه المدركات ، وهذا ما يتصدى له البحث الكبروي ، فلو تمّ في البحث الاصولي حجيّة كلّ ما يدركه العقل فحينئذ تثبت دليلية الدليل العقلي ، أي تثبت الحجيّة للقضيّة المدركة بواسطة العقل في البحث الصغروي.
* * *
٣٥٢ ـ الدليل اللبّي
وهو الدليل الذي لا لسان له تعرف بواسطته سعة دائرة مدلوله أو ضيقها ، ولهذا يطلق الدليل اللبّي في مقابل الدليل اللفظي والذي يمكن التعرّف بواسطة ألفاظه على حدود مدلوله من حيث السعة والضيق.
فالدليل اللبّي هو ما يكون من قبيل الإجماعات والسير العقلائيّة والمتشرعيّة ، فهي جميعا تشترك من جهة عدم امكان التعرّف على سعة مدلولها بأكثر ممّا هو القدر المتيقّن من مدلولها ، فحينما يقع الشك في اتّساع السيرة لمورد من الموارد فإنّه لا مجال لاستظهار شمولها له. فدليليّة الدليل اللبّي متمحّض في المقدار المتيقّن من مدلوله.
مثلا : قاعدة الصحّة في عمل الغير من القواعد المستندة حجيّتها الى السيرة العقلائيّة الممضاة ، والقدر المتيقّن من هذه السيرة هي موارد امكان صدور العمل الصحيح من الغير بنحو الإمكان العرفي ، وحينئذ لو وقع الشك في صحّة قراءة الأعجمي فإنّه لا يمكن التمسّك بأصالة الصّحة للبناء على صحّة قراءته ، وذلك لأنّ المقدار المتيقّن من مورد القاعدة هو إمكان صدور العمل الصحيح من الغير ، ومن الواضح انّ صدور القراءة الصحيحة من الأعجمي غير ممكن عرفا ، وعندئذ يقع الشك في شمول القاعدة لهذا المورد ، وباعتبار انّ مستند القاعدة هو السيرة والتي هي دليل لبّي تكون النتيجة هي عدم امكان التمسك بالقاعدة للبناء على صحّة قراءة الأعجمي رغم اننا نحتمل شمول