القاعدة لهذا المورد إلاّ انّه لا سبيل للتعرّف على انّ هذا الاحتمال مطابق للواقع بواسطة القاعدة.
وهذا بخلاف ما لو كان دليل القاعدة لفظي فإنّ من الممكن احراز حدود القاعدة بواسطته ، فإمّا ان ينفي الدليل اللفظي شمول مورد الشك للقاعدة أو يقتضي مشموليته لها كما لو كان ظاهرا في الإطلاق أو العموم.
وبما بينّاه يتّضح انّ الدليل العقلي القطعي ليس من الأدلّة اللبيّة ، وذلك لأن المدركات العقليّة القطعيّة دائما تكون موضوعاتها منقّحة ومحددة ، فلا موقع للشك في حدود موضوعاتها ، فإمّا أن يكون مورد البحث موضوعا للمدرك العقلي جزما أو انّه ليس موضوعا له جزما.
* * *
٣٥٣ ـ الدليل المحرز
المراد من الدليل المحرز هو كلّ طريق له صلاحيّة الكشف عن المجهول ، أو قل له صلاحيّة الكشف عن الحكم الشرعي ليناسب ذلك اهتمام الأصوليّين.
وبذلك يكون الدليل المحرز صادقا على مطلق الأدلّة القطعيّة الأعمّ من الشرعيّة والعقليّة وصادقا على الأدلّة الظنّيّة الأعمّ منهما.
ومنشأ التعبير عنه بالمحرز هو أنّه بواسطته يتمّ إحراز الواقع والتثبّت منه أو قل بواسطته يتمّ التعرّف على الحكم الشرعي وهو تعبير آخر عن الإحراز.
وبما ذكرناه يتبيّن أنّ الدليل المحرز ينقسم باعتبار مرتبة كشفه إلى قسمين :
القسم الأوّل : الدليل القطعي : وهو الذي يكشف عن الواقع كشفا تامّا بحيث لا يتطرّق الشكّ في واقعيّة منكشفة ، ولذلك فهو حجّة بلا إشكال ، ولا نحتاج لإثبات حجّيّته إلى دليل ، وذلك لأنّها ذاتيّة للقطع كما أوضحنا ذلك في محلّه.
القسم الثاني : الدليل الظنّي : ويعبّر عنه بالأمارات وهو لا يكشف عن