اتحادهما زمانا لا يتعقّل النسخ ، إذ انّ الدليل الخاص إذا كان متصلا بالعام فإنّه لا ينعقد للدليل ظهور في العموم من أوّل الأمر فلا يأتي البحث عن انّ الخاص هل هو رافع لحكم العام أو مخصّص له ، على انّه من غير المعقول انّ الحكم في حال جعله يرفع وينسخ.
وبهذا تكون صور البحث أربعا إذا لاحظنا حضور وقت العمل بالدليل المتقدّم أو عدم حضوره. ولمزيد من التوضيح راجع « قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ».
* * *
٣٥٧ ـ دوران الأمر بين التعيين والتخيير
والمراد من هذا العنوان اجمالا قبل بيان أقسامه هو انّ المكلّف قد يقع منه الجزم بوجوب شيء إلاّ انّه يشك في نحو هذا الوجوب ، وهل هو وجوب تعييني بحيث لا يقوم غيره مقامه ولا يوجب الإتيان بغيره سقوطه عن العهدة ، أو انّ وجوبه تخييري ، بمعنى انّه وان كان محرز الوجوب إلاّ انّ طرفه المقابل يقوم مقامه.
ولو حللنا هذه الحالة لوجدنا انّ الطرف الأول محرز الوجوب على أيّ تقدير ، أي سواء كان نحو الوجوب هو التعيين أو التخيير ، وأمّا الطرف الآخر فلا يعدو عن كونه محتمل الوجوب فيمكن أن لا يكون واجبا واقعا.
ومع اتّضاح هذه المقدّمة التي أردنا بها جعل القارئ الكريم في الصورة فحسب نقول : انّ المحقّق النائيني رحمهالله قسم حالات دوران الأمر بين التعيين والتخيير الى ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : دوران الأمر بين التعيين والتخيير فيما هو المجعول له الحجيّة ، والمراد من هذا القسم هو انّه لو وقع الشك في انّ الشارع هل جعل الحجيّة لهذا الشيء بنحو التعيين بحيث لم يجعلها لطرفه المقابل أو انّه جعلها لهذا الشيء بنحو التخيير بينه وبين طرفه المقابل بحيث يمكنه الاعتماد والاستناد الى أيّ واحد منهما.
وبهذا يكون الطرف الاوّل ممّا يحرز