المكلّف عن امتثال كلا التكليفين يقع التزاحم بينهما ، فلو كنا نحرز أهميّة أحد التكليفين فلا كلام في تعيّنه ، كما انّه لو كنا نحرز تساويهما فإنّه لا إشكال في التخيير بينهما انّما الإشكال لو لم نحرز تساويهما إلاّ انّنا نحتمل أهميّة وجوب الانفاق على الزوجة ، وحينئذ يدور الأمر بين التعيين وهو وجوب الإنفاق على الزوجة بالخصوص أو التخيير بينه وبين وجوب الإنفاق على الولد.
والظاهر انّه لا خلاف في هذا القسم من حيث انّه مجرى لاصالة الاشتغال وقاعدة انّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، وذلك لأنّ امتثال محتمل الأهميّة يوجب القطع بفراغ الذمّة لأنّه على كلا التقديرين يكون امتثاله موجبا للخروج عن عهدة التكليف ، أمّا على تقدير أهميّته وبالتالي تعيّنه فواضح ، وأمّا على تقدير تساويه مع الطرف الآخر فلأنّ امتثاله يكون امتثالا للتكليف الواجب لافتراض انّ كلا التكليفين واجب بنحو التخيير.
وهذا بخلاف الإتيان بالطرف الآخر فإنّه لا يحرز معه الخروج عن العهدة ، وذلك لاحتمال أن يكون الطرف الاوّل هو المتعيّن ، وعندها لا يكون ثمّة مؤمّن عن العقاب ، وذلك لاستقلال العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المقطوع ، وهذا هو معنى قولهم « الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ».
* * *
٣٥٨ ـ دوران الأمر بين الشرطيّة والجزئيّة وبين المانعيّة
وتصوير هذه الفرضيّة هو انّه قد يتّفق العلم باعتبار شيء في مركب واجب إلاّ انّ متعلّق المعلوم اعتباره مردّد بين كونه شرطا أو جزء في الواجب وبين كونه مانعا عن صحّته ، أي يدور الأمر بين اعتبار تقيّد الواجب به أو تقيّد الواجب بعدمه.
ومثاله ما لو وقع الشك في انّ التحنّك شرط في صحّة الصلاة أو انّه