يكون جعل الحجيّة والطريقيّة للقطع تحصيلا للحاصل.
وبهذا اتّضح ثبوت دعوى ذاتيّة الحجيّة للقطع بناء على انّ المراد من الحجيّة هي الحجيّة المنطقيّة والتي هي الطريقيّة والوسطيّة في الإثبات ، سواء قلنا بأن الطريقيّة هي عين القطع أو انّها لازم ذاتي له.
أمّا لو كان المراد من حجيّة القطع هو المنجّزيّة والمعذريّة فهل انّ الحجيّة حينئذ ذاتيّة للقطع أو لا؟
وقع الخلاف بين الأعلام في ذلك وذكرت لذلك ثلاثة اتّجاهات ، وسوف نستعرضها تحت عنوان « حجيّة القطع » ان شاء الله تعالى.
* * *
٢٨٤ ـ حجيّة القطع
ذكرنا في بحث « الحجيّة الذاتيّة » انّ الحجيّة الثابتة للقطع إذا كانت بمعنى الحجيّة المنطقيّة فإنّ ثبوتها للقطع يكون ذاتيا ، وأمّا إذا كانت الحجيّة بمعنى المنجزيّة والمعذريّة فقد وقع البحث في نحو ثبوتها للقطع ، وقد ذكرت في ذلك ثلاثة اتّجاهات.
الاتّجاه الأوّل : انّ المنجّزيّة والمعذريّة للقطع نشأ عن التباني العقلائي بملاك انّ عدم ترتيب هذين الأثرين على القطع يفضي الى اختلال النظام. ومن هنا كان عدم ترتيب الأثرين على القطع قبيحا وانّ ترتيبهما حسن ، والحسن والقبح بناء على مبنى أصحاب هذا الاتّجاه من المتبنّيات العقلائيّة المعبّر عنها في المنطق بالقضايا المشهورة أو التأديبات الصلاحيّة. وحينئذ تكون الحجيّة الثابتة للقطع حجيّة جعليّة وليست ذاتيّة.
وأمّا اعتبار حجيّة القطع بهذا المعنى من موارد الحسن والقبح العقلائيين فهو ناشئ ـ كما أفاد السيد الخوئي رحمهالله ـ عن انّ عدم جعل الحجيّة ـ بهذا المعنى ـ للقطع يفضي الى اختلال النظام ، إذ لو لم يكن القطع منجّزا لما كان القاتل مثلا عن عمد مسئولا عن فعله ، إذ له أن يقول بأني وان كنت