٢٨٨ ـ الحرمة الظاهريّة والحرمة الواقعيّة
نقل الشيخ الأنصاري رحمهالله عن الوحيد البهبهاني رحمهالله انّه نسب للأخباريين رحمهمالله مذاهب أربعة في الشبهة الحكميّة عند فقدان النصّ ، الأوّل : التوقّف ، والثاني : الاحتياط ، والثالث : الحرمة الظاهريّة ، والرابع : الحرمة الواقعيّة.
وما يهمنا في المقام هو بيان الفرق بين الحرمة الظاهريّة والحرمة الواقعيّة ، فنقول : انّ الشيخ الانصاري رحمهالله احتمل للفرق بينهما احتمالات ثلاثة بعد احتمال انّ المذاهب الأربعة تؤول الى معنى واحد وانّ الاختلاف انّما هو في التعبير بلحاظ الاختلاف في الأدلّة المعتمدة عندهم ، فمن قال بالتوقف تحفظ على التعبير الوارد في بعض الروايات المعبّر عنها بروايات التوقّف ، وهكذا الكلام فيمن قال بالاحتياط فإنّه تحفظ على التعبير الوارد في روايات الاحتياط ، وأمّا من قال بالحرمة الظاهريّة فإنّه اعتمد على روايات التثليث والتي تقتضي ترك اقتحام الشبهات ، وهذا ما يقتضي كون الحرمة ثابتة في ظرف الشك في الواقع ، وهو تعبير آخر عن الحكم الظاهري والذي موضوعه الشك في الحكم الواقعي ، وأمّا من قال بالحرمة الواقعيّة فمراده انّ المشتبه بنفسه موضوع للحرمة ، فالحكم بالحرمة موضوع ابتداء على ما هو مشتبه ، وهذا هو مبرّر التعبير بالحرمة الواقعيّة.
وأمّا الاحتمالات الثلاثة للفرق بين الحرمة الظاهريّة والحرمة الواقعيّة فهي كما يلي :
الاحتمال الاول : انّ مقصود القائل بالحرمة الظاهرية هو انّ هذه الحرمة لم تثبت إلاّ لموضوع لا يعلم ما هو حكمه الواقعي ، وهذا يقتضي كون الحرمة الثابتة له حرمة ظاهريّة ، إذ كلّ حكم يثبت في ظرف الجهل بما هو الحكم الواقعي للموضوع فهو حكم ظاهري.