هذا بالنسبة للشرطيّة والسببيّة والمانعيّة الراجعة للحكم ، وأمّا ما هو الراجع منها للمكلّف به « متعلّق الحكم » فهي منتزعة عن اعتبار شيء في المكلّف به أو اعتبار عدمه فيه ، فحينما يقول الشارع « صلّ عن ساتر واستقبال » فإنّ العقل ينتزع عن ذلك شرطيّة الاستقبال للصلاة ، فالشرطيّة انتزعت عن اعتبار شيء في المأمور به وهي الصلاة.
وحينما يقول الشارع « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه » ينتزع العقل عن ذلك مانعيّة الاشتمال على ما لا يؤكل لحمه للمأمور به.
* * *
٣٩٦ ـ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني
المراد من الشغل اليقيني هو العلم باشتغال الذمة بالتكليف ، وهذا لا يكون إلاّ في حالات العلم بوصول التكليف مرحلة الفعليّة ، إذ انّ العلم بالتكليف بمرتبة الجعل لا يقتضي العلم باشتغال الذمّة ، وذلك لأنّ العلم بالتكليف بمرتبة الجعل معناه العلم بجعل التكليف على موضوعه المقدّر الوجود ، والموضوع بوجوده العلمي التصوري لا يستوجب اشتغال الذمّة بالحكم المجعول عليه ، فالاشتغال اليقيني منوط بالعلم بوصول التكليف لمرحلة الفعليّة ، ولا يصل التكليف لمرحلة الفعليّة ما لم يعلم المكلّف بتحقّق موضوع التكليف خارجا.
والمقصود من العلم بالتكليف والعلم بوصوله لمرحلة الفعليّة هو الأعم من العلم التفصيلي والعلم الإجمالي ، فلو علم المكلّف بالتكليف وعلم بوجود موضوعه خارجا إلاّ انّ الموضوع تردد بين طرفين أو أكثر فإنّ التكليف حينئذ يكون فعليا ، إذ لا يعتبر في فعليّة التكليف تشخيص الموضوع بل يكفي العلم بوجوده خارجا ولو لم يكن متشخصا لدى المكلّف.
فلو علم المكلّف بوجوب اطعام الفقير وعلم بوجود الفقير خارجا إلاّ