٤٠٩ ـ الصحّة التأهّليّة
الصحّة التأهّليّة وصف للشيء الواقع جزءا ضمن مركّب من المركّبات ، ولا تصدق على جزء إلاّ حينما يكون واجدا للخصوصيّة المقتضية لتأهّله وصلاحيّته لأن تنضمّ إليه بقيّة أجزاء المركّب.
وتوضيح ذلك : إنّ بعض المركّبات قد لا يتحقّق الأثر المنتظر منها إلاّ حينما يكون الجزء اللاحق واجدا لشرط هو صحّة الجزء الذي سبقه ، أمّا حينما لا يكون الجزء السابق واجدا لذلك فإنّ الجزء اللاحق وإن كان واجدا لخصوصيّته فإنّه لا ينتج الأثر المنتظر منه وبذلك لا يتحقّق الأثر المنتظر من مجموع المركّب.
إذن عند ما لا يكون الجزء السابق صحيحا فإنّه لا يكون مؤهّلا لأن تلحقه وتنضمّ إليه الأجزاء اللاحقة فهو في قوّة العدم ، وحينئذ لا يكون الجزء اللاحق لاحقا لأنّه لم يكن مسبوقا بالجزء الذي اقتضى أثر المركّب أن يكون موجودا قبله ، وهذا معناه أن يكون الجزء اللاحق قد وقع في غير موقعه ، وهو ما يمنع من أن يؤثّر المركّب أثره المنتظر منه.
ونذكر مثالا للتوضيح فقط : وهو الخبز فإنّ الأثر المنتظر منه هو صلاحيّته لأن يأكل ، وهذا يقتضي أن تؤلّف أجزاؤه بكيفيّة خاصّة وهو أن يؤتى بالطحين أوّلا ثمّ يعجن بمقدار معيّن من الماء ثمّ يحوّر وبعد ذلك يوضع في النار.
فلو جئنا بطحين فاسد وعجنّاه بالماء متحفّظين على مقداره بالدقّة ثمّ حوّرناه ثمّ وضعناه في النار فإنّ ذلك لن يجعل من الخبز صالحا للأكل رغم أنّ أجزاءه اللاحقة واجدة لخصوصيّاتها ، ذلك لأنّ الجزء السابق لم يكن واجدا للصحّة ، وهذا ما اقتضى المنع من تأهّله لأن تلحق به الأجزاء اللاحقة فتؤثّر أثرها.
وبذلك يتّضح أنّ المراد من الصحّة التأهّليّة هي واجديّة الجزء السابق في المركّب للخصوصيّة المقتضية لتأهّله