دون أن يلزم من ذلك ارتفاع النقيضين فكذلك المقام ، فالعمى مثلا ـ وهو عدم البصر ـ والبصر يتبادلان على موضوع هو الإنسان ، ويستحيل تحققهما بلا مورد قابل للاتّصاف بالبصر.
والمقام كذلك ، فالوجود النعتي والعدم النعتي يتبادلان على موضوع مفروغ عن وجوده في رتبة سابقة ، كما انّه يمكن ان يرتفعا دون أن يلزم من ذلك ارتفاع النقيضين كما لو كان موضوعهما معدوما ، فإنّه لا يتّصف بالوجود النعتي كما لا يتّصف بالعدم النعتي.
امّا عدم اتّصافه بالوجود النعتي فلأنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، وأمّا عدم اتّصافه بالعدم النعتي فلأنّ العدم ليس هو العدم المطلق المعبّر عنه بالعدم المحمولي بل هو عدم خاص مضاف الى موضوع خاص ، وهذا يقتضي الفراغ عن وجود الموضوع الذي يراد اضافة العدم النعتي اليه ، فمع افتراض انعدام الموضوع لا يكون قابلا للاتّصاف بالعدم النعتي كما لا يكون قابلا للاتّصاف بالوجود النعتي والذي هو اشبه بالملكة.
فالوجود النعتي والعدم النعتي يمكن ارتفاعهما دون أن يلزم من ذلك ارتفاع النقيضين ، وهذا بخلاف الوجود المحمولي والعدم المحمولي فإنّ ارتفاعهما معا معناه ارتفاع النقيضين ، وذلك لأنّ الماهيّة إذا قيست الى الوجود فإمّا أن تكون موجودة أو لا تكون موجودة ، أمّا افتراضها موجودة ولا موجودة فهذا معناه ارتفاع النقيضين ، وهو مستحيل.
فالمتحصّل انّ العدم النعتي كالوجود النعتي منوط بوجود موضوعه خارجا.
* * *
٤٤١ ـ العرض الذاتي
اختلف الأعلام في تفسير العرض الذاتي من حيث سعة مفهومه وضيقه ، وقد أحصينا ستّة اتّجاهات في ذلك :