مرجعيّته لتشخيص الموضوعات ، فنقول : انّ الشارع تارة يجعل الأحكام على موضوعات مخترعة ، واخرى يجعلها على موضوعات عرفيّة إلاّ انّ الشارع تصدى لبيان حدودها بنفسه ، وثالثة يجعل الحكم على موضوع عرفي دون ان يتصدى لبيان حدوده.
أمّا الأوّل : وهو ما لو كانت موضوعات الأحكام مخترعة من الشارع مثل كيفيّة الصلاة والوضوء والتيمّم فلا ريب في هذا الفرض انّ المرجع لتشخيص موضوعات الأحكام هو الشارع نفسه ، إذ من غير المعقول ان يخترع الشارع موضوعا ثمّ يحيل تشخيصه للعرف أو غيره ، فلا سبيل إذن للتعرف على مثل هذه الموضوعات إلاّ مراجعة الشارع ، وهذا واضح.
وأمّا الثاني : وهو ما لو كانت موضوعات الأحكام عرفيّة ، بمعنى انّ للعرف مفاهيم محدّدة لهذه الموضوعات إلاّ انّ الشارع تصدى بنفسه لبيان حدودها ، وذلك مثل مفهوم الحيض والسفر والاستطاعة.
وفي مثل هذا الفرض لا مرجعيّة للعرف أيضا في تشخيص موضوعات الأحكام بعد أن تصدى الشارع لتشخيصها وبيان حدودها ، إذ انّ نفس تصدي الشارع لذلك إلغاء لمرجعيّة العرف وانّ المفاهيم التي هي محدّدة عند العرف على سعتها أو ضيقها ليست هي موضوعات الأحكام ، نعم لو كان تصدي الشارع لتشخيص الموضوع انّما هو بنحو إضافة بعض القيود على الموضوع العرفي أو إلغاء بعض القيود فإنّ ذلك لا يلغي مرجعيّة العرف في المقدار الذي لم يتصد الشارع لتهذيبه لو استظهرنا من الأدلّة انّه ليس للشارع مفهوما مباينا للمفهوم العرفي ، غايته انّه لم يجعل الحكم على الموضوع العرفي على سعته أو ضيقه ، ففي مثل هذا الفرض يكون المرجع في تشخيص الموضوع هو العرف إلاّ في المقدار الذي تصدّى الشارع لبيانه وتهذيبه إمّا بالغاء بعض القيود أو الإجزاء أو باضافة قيود