٢٩٢ ـ الحسن والقبح العقليّان
والمراد من الحسن والقبح العقليّين هو انّ العقل يدرك انّ من الأفعال ما ينبغي فعلها وانّ من الأفعال ما ينبغي تركها ، وانّ من يفعل ما ينبغي فعله فهو مستحقّ عقلا للمدح ، ومن يفعل ما ينبغي تركه فهو مستحقّ للذم.
وبهذا يكون الحسن والقبح من مدركات العقل العملي بل قيل انّ التحسين والتقبيح هما عين العقل العملي ، وتستبطن هذه الدعوى ـ كما قلنا ـ انّ اتّصاف بعض الأفعال بالحسن والقبح ذاتي ، أي ناشئ عن مقام الذات ، وهذا هو مبنى مشهور الاصوليّين.
وقد عرّف الشهيد الصدر رحمهالله الحسن والقبح ـ بحسب مبنى الاصوليّين ـ بالضرورة الخلقيّة الثابتة في لوح الواقع بقطع النظر عن اعتبار أي معتبر ، وأفاد أنّها مباينة للضرورة التكوينيّة من حيث الماهيّة ومن حيث المرتبة ، فالضرورة التكوينيّة تعني الوجوب المقابل للإمكان والامتناع.
وأمّا الضرورة الخلقيّة فهي بمعنى اتّصاف الفعل بانبغاء فعله أو بانبغاء تركه ، وبتعبير آخر : انّ الضرورة الخلقيّة تعني انّ الفعل متّصف ذاتا بأولويّة فعله أو تركه أو قل بأن الأخرى به ان يفعل أو بأن لا يفعل.
ومن هنا تكون الضرورة الخلقيّة في طول السلطنة والتي هي بمعنى الاختيار بحسب مبنى السيّد الصدر رحمهالله.
وبهذا يتّضح معنى انّ الضرورة الخلقيّة مختلفة عن الضرورة التكوينيّة رتبة ، إذ انّ الضرورة التكوينيّة والتي هي بمعنى الوجوب واللابدّيّة تقع في عرض السلطنة وأمّا الضرورة الخلقيّة فهي في طول السلطنة باعتبار انّ الحسن والقبح صفات الأفعال الناشئة عن الاختيار « السلطنة ».
وببيان آخر : انّ الموروث عن الفلسفة هو انّه إذا نسب شيء لآخر ، فإمّا أن يكون ذلك الشيء ضروري الثبوت للشيء الآخر : أو ضروري