عنه بالعموم الفوقاني ، فالمقصود من العموم هو الأعمّ من العامّ الاصطلاحي والإطلاق ، ومنشأ التعبير عنه بالفوقاني هو مرجعيّته بعد سقوط طرفي التعارض عن الحجيّة ، فكأنّه في رتبة الفوقيّة بالنسبة لهما ، فحين لا يجدي الرجوع إليهما نظرا لتعارضهما يكون هو المرجع.
ومثال ذلك لو ورد دليلان أحدهما يقتضي لزوم التكفير بشاة عند استعمال المحرم للطيب والآخر يقتضي عدم لزوم التكفير واستحكمت المعارضة بينهما وليس من مرجح لأحدهما ، فإنّ القاعدة تقتضي سقوطهما عن الحجّيّة ، وحينئذ لو وردت رواية معتبرة مفادها أنّ كلّ من ارتكب واحدا من تروكات الإحرام فإنّه يكون ملزما بالتكفير بشاة. فإنّ هذه الرواية تكون عموما فوقانيّا لأنّها لم تقع طرفا في المعارضة ، وهو ما يبرّر عدم سقوطها عن الحجّيّة وبذلك تكون هي المرجع في تحديد حكم من استعمل الطيب حال الإحرام.
٤٦٣ ـ العموم المجموعي
هو العموم الذي يكون مفاده ثبوت الحكم لجميع أفراد الطبيعة المدخولة لأداة العموم على أن يكون المجموع بما هو مجموع هو موضوع الحكم ، وهذا ما يعني أن يكون كلّ فرد من أفراد الطبيعة جزء لموضوع الحكم ويكون مجموع أفراد الطبيعة موضوع واحد مركب من تمام أفراد الطبيعة المدخولة للأداة.
وبذلك يتّضح الفرق بين العموم المجموعي والعموم الاستغراقي حيث لا ينحلّ الحكم هنا الى أحكام بعدد أفراد الطبيعة بل ليس ثمّة سوى حكم واحد موضوعه تمام الأفراد ، ولذلك يكون للحكم في العموم المجموعي امتثال واحد ومعصية واحدة ، ولا يكون المكلّف مطيعا إلاّ بالإتيان بتمام الأفراد وعند ما يترك بعض الأفراد يكون قد عصى الحكم وان كان قد جاء ببعض الأفراد ، ويمكن التمثيل له بما لو قيل « اقرأ كلّ الكتاب ».