العقل من قبح العقاب بلا بيان المقتضي للبراءة عن التكاليف غير المعلومة ، وتظهر الثمرة في موارد عدم امكان جريان البراءة العقليّة والشرعيّة حيث لا مؤمن حينئذ عن التكليف المحتمل ، كما في الشبهات الحكميّة قبل الفحص ، وقد أوضحنا ذلك في بحث « الاحتياط العقلي ».
* * *
٢٩٥ ـ مسلك حقّ الطاعة
ويراد منه الإشارة الى القاعدة العقليّة المقتضية للاحتياط العقلي في موارد الشك في التكليف ، وذلك في مقابل قاعدة قبح العقاب بلا بيان المقتضية للبراءة العقليّة.
وحاصل المراد من مسلك حقّ ـ والذي تبناه السيد الصدر رحمهالله في مقابل مشهور الاصوليّين ـ هو انّ العقل يدرك منجّزية التكليف المنكشف بأيّ مرتبة من مراتب الانكشاف ، أي سواء كان بمرتبة القطع أو الظن أو حتى الاحتمال.
ومن هنا كانت القاعدة الاوليّة عند الشك في التكليف هو الاحتياط العقلي إلاّ أن يرد عن الشارع ما ينفي مسئوليّة المكلّف عن التكليف المشكوك ـ كما هو كذلك ـ وحينئذ يكون المرجع في نفي المسئوليّة عن التكاليف المشكوكة هو خصوص البراءة الشرعيّة وإلاّ فمقتضى الأصل العقلي الأولي بقطع النظر عن أدلّة البراءة الشرعيّة هو الاحتياط.
ومنشأ تبنّي السيّد الصدر رحمهالله لهذا المبنى هو ما ادّعاه من اتّساع حدود حقّ الطاعة وشموله لموارد التكاليف المظنونة والتكاليف المحتملة.
وفي مقابل هذه الدعوى ذهب مشهور الاصوليّين الى انّ القاعدة الاوليّة عند الشك في التكليف هو البراءة العقليّة ، وذلك بمقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وحينئذ لا يختصّ المرجع في موارد الشك في التكليف بالبراءة الشرعيّة بل يمكن الرجوع في مثل هذه الموارد الى البراءة العقليّة.