للمتكلّم وأنّه لا يقصد العموم رغم استعماله للفظ يعبّر عن العموم وهو لفظ « كلّ ». ومنشأ التعبير عن هذه القرينة بالمتّصلة هو وقوعها في سياق كلام المتكلّم واتّصالها به.
وبما ذكرناه يتّضح أنّ مجيء القرينة المتّصلة يمنع من التمسّك بالظهور الأوّلي للكلام حيث أنّ الظهور الأوّلي للكلام ـ لو لا القرينة ـ يقتضي لزوم إكرام جميع العلماء إلاّ أنّ هذا الظهور ينتهي بمجرّد مجيء القرينة المتّصلة ، وينعقد فيما يناسب القرينة وذي القرينة أي ملاحظة مجموع المستثنى والمستثنى منه في المثال.
ويمكن أن نمثّل للقرينة المتّصلة غير اللفظيّة بما لو قال المولى لعبده « أطعم كلّ أولادي من اللحم » فإنّ هذا الكلام ظاهر في إيجاب إطعام الأولاد غير الرضّع منهم إذ من الواضح أنّ الرضيع لا يسعه أو لا يناسبه عرفا تناول اللحم.
فالمتكلّم وإن لم يكن قد صرّح بالاستثناء إلاّ أنّ المناسبة العرفيّة أو العقليّة أعطت نتيجة التصريح بالاستثناء المتّصل ، ولذلك لا يكون للمولى في المثال مساءلة عبده عن عدم إطعام الرضّع لحما وإن كان لكلامه ظهور أوّلي في العموم.
* * *
٤٨٠ ـ القرينة المنفصلة
المراد من القرينة المنفصلة هو كلّ لفظ أو فعل وقع في خطاب أو مقام آخر إلاّ أنّه لو فرض متّصلا بالكلام الأوّل لأوجب انصراف الكلام الأوّل عن ظهوره الأوّلي إلى ظهور آخر متناسب مع مجموع الخطابين أو مجموع الخطاب الأوّل والفعل في المقام الثاني.
ومثاله قول المتكلّم « أكرم كلّ العلماء » ثمّ يقول في خطاب آخر « لا تكرم فسّاق العلماء » فالخطاب الثاني يكون قرينة منفصلة يتحدّد بها المراد الجدّي من الخطاب الأوّل ، ذلك لأنّه لو فرض الخطاب الثاني متّصلا بالخطاب الأوّل لصرف ظهوره في