لأنّ الحكم في القضيّة الحقيقيّة انّما رتّب على الطبيعة المقدّر وجودها في ضمن فرد لها في الخارج ، وهذا ما يستوجب عدم الفعليّة لو لم يقدر الوجود للطبيعة في ضمن واحد من أفرادها باعتبار انّ وجودها انّما هو بوجود أفرادها خارجا.
ويتّضح أيضا انّ انشاء الحكم في القضيّة الحقيقيّة لا يساوق فعليّته بل قد يتّفق تأخّر الفعليّة عن زمن الإنشاء ، وهذا بخلاف القضيّة الخارجيّة فإنّ إنشاءها يساوق فعليّتها ، فحينما يقال : « أكرم من في الدار » فإنّ الفعليّة تترتّب من حين إنشاء الحكم ، وذلك لأنّ موضوع القضيّة الخارجيّة هي الأفراد المحقّقة الوجود.
وباتّضاح المراد من القضيّة الخارجيّة والقضيّة الحقيقيّة يمكن استنتاج مجموعة من الفوارق بين القضيّتين تعرف بالتأمّل فيما ذكرناه ، نذكر بعضها :
الأوّل : انّ القضيّة الخارجيّة تكون دائما في قوّة الجزئيّة وانّ كليّتها انّما هي صوريّة بمعنى انّها اتخذت وسيلة للتعبير عن أفراد معيّنة محقّقة الوجود.
وهذا بخلاف القضيّة الحقيقيّة فإنّ موضوعها دائما يكون كليّا.
الثاني : انّ المتصدّي لتنقيح الموضوع في القضايا الخارجيّة هو نفس المؤلّف للقضيّة ، فهو بنفسه يتحقّق من وجود الموضوع ثمّ يجعل عليه الحكم.
وأمّا القضايا الحقيقيّة فالمتصدّي لتنقيح موضوعها هو المتلقّي للخطاب ، وأمّا المؤلّف للقضيّة فهو يجعل الحكم على الموضوع المقدّر الوجود ، فيبقى التحقّق من وجود الموضوع لغرض ترتيب الحكم من وظيفة المتلقّي للخطاب بالقضيّة الحقيقيّة.
وهناك فوارق اخرى أوضحناها فلا معنى للإعادة.
* * *
٤٨٢ ـ القطع
المراد من القطع هو الانكشاف التام