ولمزيد من التوضيح راجع عنوان « الاحتياط العقلي » « وقاعدة قبح العقاب بلا بيان » « حقّ الطاعة ».
* * *
٢٩٦ ـ أصالة الحقيقة
وهي من الاصول اللفظيّة التي يتمسّك بها العقلاء عند الشك فيما هو المراد ، إذ انّ تمام الاصول اللفظيّة يلجأ العقلاء عند الشك في المراد ، إمّا من جهة أصل المراد أو من جهة حدوده.
وأصالة الحقيقة تكون مرجعا لتحديد أصل المراد ، وموردها الشك في مراد المتكلّم من حيث انّه أراد المعنى الحقيقي من اللفظ المستعمل أو أراد المعنى المجازي ، وهذا ما يستبطن كون المعنى الحقيقي للفظ مشخصا لدى المتلقي للفظ ، غايته انّ مراد المتكلّم هو المجهول لدى المتلقي للفظ ، إذ لعلّ المتكلّم أراد المعنى الحقيقي ولعلّه أراد المعنى المجازي ، وذلك لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز. ومن هنا يأتي دور أصالة الحقيقة لتحديد المراد ، بمعنى انّ العقلاء يتمسّكون في هذا الفرض بأصالة الحقيقة لإثبات انّ مراد المتكلّم من اللفظ المستعمل هو المعنى الحقيقي.
والمتحصّل ممّا ذكرناه انّ موضوع أصالة الحقيقة هو الشك في مراد المتكلّم مع عدم قيام قرينة على المجاز ، إذ لا معنى للتمسّك بأصالة الحقيقة مع قيام القرينة على المجاز ، وذلك لأنّ افتراض قيام القرينة معناه انتفاء الشك في المراد ، وهذا ما ينفي موضوع أصالة الحقيقة ، كما انّ احتفاف اللفظ المستعمل بما يصلح للقرينيّة مانع عن التمسّك بأصالة الحقيقة ، وذلك لأنّ أصالة الحقيقة انّما تنقّح الظهور في إرادة المتكلّم للمعنى الحقيقي ومع وجود ما يصلح للقرينيّة على خلاف ذلك لا يتنقّح الظهور في إرادة المتكلّم للمعنى الحقيقي لاحتمال اعتماد المتكلّم على قرينيّة الموجود لبيان مراده ، نعم لا مجال لاستظهار إرادته للمجاز بعد ان لم تكن القرينة ظاهرة في القرينيّة ، وبذلك يكون مراد المتكلّم من اللفظ مجملا.