للعقوبة على مخالفة الواقع إلاّ انّه لو افترضنا عدم تماميّة ما تقدّم في البحث الأوّل فإنّه مع ذلك يكون المكلّف مستحقا للعقاب على أصل تعريض نفسه لأسباب القطع المفوت لأغراض المولى اللزوميّة ، وذلك بناء على اتّساع حقّ الطاعة وشمولها لحالات تعريض النفس للوقوع في منافاة الواقع وانّ حقّ الطاعة لا يختصّ بالتكليف الواصل بل يقتضي عدم القيام بما يوجب سقوط التكليف بواسطة تعريض النفس للقطع بخلافه ، ومن هنا يكون حقّ الطاعة موجبا للزوم التحرّز عن أسباب القطع.
لا يقال : انّه وان كانت البراءة العقليّة غير جارية في المقام بناء على هذا المبنى إلاّ انّ البراءة الشرعيّة جارية باعتبار انّ هذا الحقّ كما هو ثابت في محلّه معلّق على عدم الترخيص الشرعي ، وأدلّة البراءة الشرعيّة قاضية بذلك.
فإنّه يقال : انّ المقصود من شمول حقّ الطاعة لهذا المورد هو انّ التعرّض لأسباب القطع المنافي لأغراض المولى مناف لحقّ الطاعة ، أي انّه خروج عن حدود العبوديّة بمقتضى الوجدان والعقل العملي ، وليس له اتّصال بأصالة الاشتغال العقلي في التكاليف المحتملة ، بمعنى انّ التعرّض لمناقضة أغراض المولى حرام قطعا باستقلال ما يدركه العقل العملي.
ويمكن تأييد ذلك بالروايات الناهية عن الولوج في بعض المطالب كالقضاء والقدر ، وكذلك ما دلّ على لزوم اتلاف كتب الضلال.
* * *
٤٨٦ ـ القطع من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة
أمّا معنى انّه من الصفات الحقيقيّة فهو انّه من الامور الواقعيّة المتأصّلة والثابتة في نفس الأمر والواقع ، أي انّه من الامور التي لها ما بإزاء في الواقع ، وذلك في مقابل الامور الانتزاعيّة والتي لا وجود لها والموجود انّما هو