لا يساوق عدم القدرة على الوصول إلى المرادات الجدّيّة للمتكلّم ، فثمّة وسائل وضوابط يعتمدها العرف وأهل المحاورة في مقام استظهار المعاني المرادة للمتكلّم ومنها الرجوع إلى قول اللغوي إمّا للاستئناس بقوله أو للتعرّف على ما يستعمله العرب من ألفاظ عند إرادة إيصال بعض المعاني.
* * *
٤٩٣ ـ القياس الاصولي
يطلق القياس عند من يقول به على معنيين :
المعنى الأوّل : وهو المعنى الذي استقرّت عليه آراء المجتهدين من أبناء العامّة ، وهو ان كانت كلماتهم في تعريفه وضبطه مشوشة جدا إلاّ انّ حاصلها هو ما سنذكره ، وهو انّ القياس عبارة عن استنباط حكم موضوع مجهول الحكم بواسطة حكم موضوع معلوم.
وبتعبير آخر : هو تعدية حكم ثابت لموضوع الى موضوع آخر ، وهذا الاستنباط وهذه التعدية تخضع لمبرّر يعبّر عنه بالعلّة ، والتعرّف على العلّة يتمّ بواسطة مجموعة من الوسائل ، منها النصّ على علّة جعل الحكم لموضوعه ، وهو المعبّر عنه بقياس منصوص العلّة ، ومنها السبر والتقسيم ، ومنها تنقيح المناط ، ومنها الحدس والاستحسان ، ومنها تخريج المناط والدوران ويعبّر عن مجموع هذه الطرق بقياس مستنبط العلّة.
ثمّ انّهم ذكروا انّ القياس بهذا المعنى يشتمل على أركان أربعة :
الأوّل : هو الأصل ، وهو عبارة عن الموضوع المعلوم الحكم ويعبّر عنه بالمقيس عليه.
الثاني : هو الفرع ، وهو الموضوع المجهول الحكم والذي يراد تعدية الحكم الثابت للموضوع الأوّل له ، ويعبّر عنه بالمقيس.
الثالث : الحكم الثابت للأصل والذي يراد تعديته للفرع.
الرابع : العلّة والتي تكون واسطة في تعدية الحكم من الموضوع الاوّل