بشيء آخر فهنا كيف يمكن للعقل أن يحور في ذلك ويقفز الى ما وراء الغيب ليتعرّف على واقع الموضوع وانّه أوسع ممّا هو مذكور أو أضيق رغم افتراض انّ الموضوع المذكور في الخطاب لا يعبّر لا بمدلوله اللغوي ولا العرفي عن ذلك فليس ثمّة سوى الحدس والظنّ والذي لا يغني عن الحقّ شيئا ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ) فهل يقبل أحد من المقننين ان تتصرّف الرعيّة في موضوعات أحكامه لتوسّع منها أو تضيق اعتمادا على الحدس والظنّ ، وهل يقبل العقلاء اعتذار من اعتذر بالمناسبات العقليّة لذلك رغم انّه لا سبيل للتعرّف على أغراض أحد إلاّ بواسطة ما يعبّر عنه بكلامه أو سلوكه ، وهذا ما يتّصل بالاستظهار لا بالمناسبات العقليّة.
القسم الثالث والرابع : قد أوضحناهما تحت عنواني « السبر والتقسيم » و « تنقيح المناط ».
* * *
٤٩٥ ـ قياس منصوص العلّة
والمراد منه تعدية حكم ثابت لموضوع الى موضوع آخر ، وذلك لاتّحادهما في العلّة المنصوصة. والمراد من العلّة المنصوصة هي العلّة ـ بقسميها ـ التي تمّ استكشافها بواسطة ظواهر الكتاب والسنّة.
وليعلم انّ العلّة المنصوصة التي تصحّح تعدية الحكم من موضوع الى آخر يشترك معه في العلّة لا بدّ وان تكون هي مدار الحكم ثبوتا وعدما ، ولا بدّ وان يستكشف ذلك بواسطة الاستظهارات التي تخضع للضوابط المقرّرة عند أهل المحاورة والمتفاهم العرفي ، وأمّا إذا لم يكن من الممكن استظهار ذلك فإنّ ما هو مذكور في النصّ لا يعدو عن كونه حكمة ، وحينئذ لا يصحّ تعدية الحكم الى موضوعات اخرى بواسطتها.
على انّ التعدية التي تتمّ بواسطة العلّة يجب أن لا تأخذ مساحة أوسع ممّا يقتضيه الظهور العرفي للعلّة المذكورة ،