الموضوع ، فالمنفي وان كان هو الضرر إلاّ انّ الغرض منه نفي الحكم الثابت في ظرف الضرر ، فهي نفي للحكم الضرري بواسطة نفي الضرر ، فيكون مؤدى الرواية الشريفة هو نفي الأحكام الثابتة لموضوعاتها لو اتّفق اشتمال هذه الموضوعات على الضرر ، فالوجوب الثابت للوضوء مثلا منفي لو اتّفق ضرريّة الوضوء.
إلاّ انّ هذا الاستعمال لا يتناسب مع ما ذكرناه في المورد الثاني من موارد استعمال الجمل المنفيّة بلا النافية ، حيث قلنا انّ نفي الحكم بلسان نفي الموضوع معناه نفي الطبيعة عن أن تكون متحقّقة في ضمن فرد ، وقلنا انّ الغرض من ذلك هو نفي الحكم الثابت للطبيعة عن بعض أفرادها ، وهذا معناه انّ الطبيعة المنفيّة قد ثبت لها حكم في مرحلة سابقة ويكون مفاد هذه الصياغة هو نفي ذلك الحكم عن فرد من أفراد الطبيعة كما هو في قوله عليهالسلام : « لا ربا بين الوالد وولده » ، فإنّ طبيعة الربا قد ثبت لها حكم سابق هو الحرمة وهذه الرواية تصدّت لنفي انطباق طبيعة الربا على فرد هو الربا الواقع بين الوالد وولده ، وبانتفاء الطبيعة عن هذا الفرد ينتفي حكم الطبيعة عنه ، ولو لا هذه الرواية لكان حكم الطبيعة شاملا لهذا الفرد باعتباره فردا من أفرادها حقيقة.
وهذا البيان لا يمكن تطبيقه على رواية « لا ضرر ولا ضرار » ، وذلك لوضوح انّها ليست بصدد نفي انطباق طبيعة الضرر على فرد من أفرادها فيكون معنى ذلك هو نفي الحكم الثابت لطبيعة الضرر عن ذلك الفرد بل انّ ما يفهمه صاحب هذا المسلك هو انّ الرواية بصدد نفي الحكم الثابت للموضوعات الاخرى في ظرف تلبسها بالضرر ، وهذا لا يناسب دخول النفي على عنوان الضرر ، إذ المناسب لدخول النفي على عنوان الضرر هو نفي الحكم الثابت للضرر بلسان نفي الضرر ، وهذا معناه نفي الحرمة عن الضرر بلسان نفي الضرر وهو غير مراد قطعا.