كما قد يقتضي الحرمة ، فالحكم الثانوي لا يساوق الحكم الاضطراري.
وبهذا التقسيم للحكم الواقعي تتجلّى المرونة في الشريعة الإسلاميّة وان عوامل الزمان والمكان والطوارئ غير المنتظرة لم تخلّ عن معالجة الشريعة لها إلاّ انّ ذلك لا يبرّر تحكّم الأهواء والرؤى الضيّقة بل لا بدّ من الجري على وفق الاطر والضوابط المقرّرة من قبل الشريعة والمستفادة من منابعها المعتبرة والتي هي القرآن الكريم والسنّة الشريفة وهدي أهل البيت عليهمالسلام ، وأيّ فهم للإسلام لا يتّصل بهذه المنابع لا يصحّ اعتماده والتعويل عليه في مقام التعرّف على الحكم الشرعي.
على انّ الوصول للنتائج الشرعيّة من منابعها لا يتيسّر لكلّ أحد إلاّ أن يتوفّر على آليّة الدخول لمصادر التشريع بنحو تام ، وهذا ما يقتضي التمحض لهذه المهمّة كما هو شأن كلّ فن من فنون العلم ، وتشتد الحاجة لذلك في علم الشريعة ، وذلك لتشعّب مباحثة ودقّتها وافتقاره لعنصر لا يكون معتبرا في سائر العلوم وهو الإخلاص لله جلّ وعلا ومراقبته والتجافي عن الدنيا والرغبة في رضوان الله تعالى والخشية الدائمة من سخطه بل ومن معاتبته.
* * *
٣٠٣ ـ الحكم الشرعي
هو الاعتبار الشرعي المجعول من قبل المولى جلّ وعلى وهو يتناسب دائما مع ما يقتضيه الملاك في نفس الأمر والواقع.
فهو إذن نحو من الافعال الاختياريّة ، غايته انّه لا ينشأ جزافا بل ينشأ عن ملاكات ومبادئ تقتضي هذا النحو من الاعتبار.
وبهذا يتّضح انّ الحكم الشرعي ليس هو الإنشاء والخطاب كما انّه ليس من قبيل الإرادة والكراهة ولا هو من قبيل المصلحة والمفسدة ، إذ انّ الاول ليس أكثر من ابراز الاعتبار