أمّا حكم الرجل في الحالة الأولى فهو وجوب إكرامه بلا ريب ، وذلك لصدق عنوان الفقير عليه بلا إشكال.
وأمّا حكم الرجل في الحالة الثالثة فهو عدم وجوب إكرامه بلا ريب أيضا ، لعدم صدق إطلاق عنوان الفقير عليه إلا بنحو من التجوّز.
وأمّا حكم الرجل في الحالة الثانية فهو محلّ النزاع ، وذلك للاختلاف في صحّة إطلاق عنوان الفقير على من كان فقيرا ثمّ انقضى عنه التلبّس بالفقر.
إذن موضع النزاع هو في صحّة إطلاق المشتقّ على الذات التي انقضى عنها التلبّس بالمبدإ ( الوصف ) ، أو بتعبير أدقّ هل إنّ حمل المشتقّ على الذات التي انقضى عنها التلبّس بالمبدإ حمل حقيقي أو مجازي؟
وباتّضاح محلّ النزاع يتّضح منشأ اعتبار الشرطين في صدق المشتقّ.
أمّا الشرط الأوّل فنّه لو لم يصحّ حمل العنوان عن الذات فلا معنى للبحث عن أنّ الحمل حقيقي أو مجازي.
وأمّا الشرط الثاني فنّ البحث هو عن حكم الذات بعد انقضاء التلبّس بالمبدإ عنه ، وهذا يقتضي إمكانيّة بقاء الذات مع افتراض انقضاء تلبّسها بالمبدإ ، فلو كان العنوان المحمول على الذات ذاتيّا لها فلا معنى للبحث عن حكمها بعد انتفاء العنوان عنها ، لأنّ انتفاء العنوان الذاتي عنها يساوق انتفاءها.
* * *
٥٤٠ ـ المصالح المرسلة
اختلف علماء السنّة في تعريف الاستصلاح والمصالح المرسلة كما اختلفوا في حجّيّته وأنّه من مصادر التشريع أو لا ، والظاهر أنّ منشأ الاختلاف في التعريف هو الاختلاف في مقدار ما تثبت له الحجّيّة عند من يقول بحجّيّة المصالح المرسلة في الجملة ونحن هنا سنوضّح المهمّ من هذه التعريفات مبتدءين بأوسعها نطاقا :
الأوّل : هو الإفتاء والتشريع وفق ما يقتضيه جلب المنفعة أو دفع