وقد يكون المنشأ هو الإشارة والكتابة ، وقد يكون المنشأ هو الملازمات العقليّة أو العاديّة أو الطبعيّة وقد تكون المشاهد الحسيّة ، وقد يكون منشأ ذلك هو التصورات وقد يكون غير ذلك ، كما لا فرق بين أن يكون المدلول من سنخ المفاهيم التركيبيّة أو المفاهيم الأفراديّة وبين أن يكون جزئيا أو كليّا أو أن يكون من الأعيان الخارجيّة أو المجرّدات ، ففي تمام هذه الحالات يعبّر عن المعنى بالمفهوم.
إلاّ انّ هذا المعنى للمفهوم على سعته ليس هو مقصود الاصوليين من عنوان المفهوم ، وتوضيح المراد من المفهوم الاصولي يتمّ برسم امور :
الأمر الأوّل : انّ الدلالة اللفظيّة تارة تكون مطابقيّة واخرى التزاميّة ، وأمّا الدلالة التضمنيّة فقد اتّضح حالها من بحث « المنطوق ».
ثمّ انّ الدلالة المطابقيّة وكذلك الالتزاميّة قد تكون أفراديّة كما قد تكون تركيبيّة ، بمعنى انّها قد تنتج مفهوما أفراديا كما قد تنتج مفهوما تركيبيّا ، والدلالة بقسميها المنتجة للمفهوم الأفرادي خارجة عن محلّ البحث ، والدلالة المطابقيّة المنتجة للمفهوم التركيبي هي المنطوق ، أي انّ نفس المدلول المطابقي هو المنطوق ، وهو خارج أيضا عن محلّ البحث.
فيتعيّن البحث في الدلالة الالتزاميّة ، وقد قسّمها المحقّق النائيني رحمهالله إلى قسمين بلحاظ اللازم والذي هو المدلول للدلالة الالتزاميّة :
القسم الأوّل : الدلالة التي يكون لازمها بيّنا بالمعنى الأخصّ ، وهو عبارة عن المعنى الخارج عن مدلول اللفظ الاّ انّه لازم له على أن لا يكون تصوّره محتاجا لأكثر من تصوّر مدلول اللفظ.
القسم الثاني : الدلالة التي يكون لازمها بينا بالمعنى الاعم ، وهو عبارة عن المعنى الخارج عن مدلول اللفظ اللازم له إلاّ انّ إدراكه يحتاج لتوسيط مقدّمة عقليّة ، وبهذا لا يكون اللازم بالمعنى الأعمّ من المداليل