وأمّا التعريف الثاني : فالمراد من الحكم غير المذكور هو الحكم الذي يكون لازما بيّنا بالمعنى الأخصّ لما هو منطوق.
مثلا : لو قيل « إذا جاء زيد فأكرمه » فإنّ لازم هذه القضيّة انّه إذا لم يجيء زيد فلا يجب اكرامه ، فعدم وجوب الإكرام هو الحكم غير المذكور والذي استفيد بواسطة تعليق وجوب الإكرام هو الحكم غير المذكور والذي استفيد بواسطة تعليق وجوب الإكرام على مجيء زيد.
هذا في مفهوم المخالفة ، وأمّا مفهوم الموافقة فالحكم غير المذكور وان كان مسانخا للحكم المذكور إلاّ انّه غيره ، فلا يكون مذكورا وانّما هو لازم لما هو مذكور.
مثلا : قوله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ ) (١) ، فالحكم المذكور في الآية الشريفة هو حرمة التأفّف من الوالدين ، وأمّا ما هو لازم لهذا الحكم فهو حرمة الضرب وهو حكم غير مذكور.
وأمّا التعريف الثالث : فكذلك يراد من الحكم لغير المذكور اللازم لما هو مذكور في محلّ النطق ، والمراد من غير المذكور هو موضوع أو متعلّق الحكم واللذين تمّ انفهامهما بواسطة القضيّة المذكورة.
ففي مثالنا الأوّل يكون عدم المجيء هو الموضوع غير المذكور والذي انفهم بواسطة تعليق الوجوب على المجيء فينتفي بعدم المجيء الحكم الثابت حين المجيء في القضيّة المذكورة.
وفي المثال الثاني يكون الضرب هو المتعلّق غير المذكور والذي انفهم بواسطة ثبوت الحرمة للتأفّف في القضيّة المذكورة ، وبهذا تثبت الحرمة للضرب والذي هو المتعلّق غير المذكور في القضيّة ، وأمّا المراد من الحكم في التعريف فهو الأعمّ من المباين للحكم المذكور في القضيّة المذكورة كما في مفهوم المخالفة أو المسانخ للحكم الذكور في القضيّة المذكورة كما في مفهوم الموافقة.
والمتحصّل من هذا التعريف انّ المفهوم هو القضيّة التي ثبت فيها حكم لموضوع أو متعلّق غير مذكور ، على