المعنى أنّه في المعنى الأوّل مفاده الحكم بالعدم وأمّا في المعنى الثاني فمفاده عدم الحكم أي عدم جعل الحكم.
ويمكن أن نمثّل له بعدم جعل القصاص على المخطئ ، وبعدم جعل الزكاة على الفقير ، وبعدم جعل الخمس في الميراث ، وهكذا.
هذا وقد وقع الخلاف بين الأعلام في الأحكام العدميّة من جهة أنّها أحكام مجعولة أو لا ، فقد ذهب المحقّق النائيني رحمهالله إلى أنّها ليست من الأحكام المجعولة ، وذلك لأنّ عدم الحكم ليس حكما مجعولا.
إلاّ أنّ السيّد الخوئي رحمهالله يرى بأنّ الأحكام العدميّة بالمعنى الثاني يمكن أن تطالها يد الجعل وذلك لأنّ عدم الجعل في موضع قابل للجعل يساوق جعل العدم أي يساوق الحكم بجعل العدم ، فالأحكام العدميّة بالمعنى الثاني مآلها للأحكام العدميّة بالمعنى الأوّل.
فحينما لا يجعل المولى القصاص على المخطئ ـ رغم قابليّة ذلك للجعل ـ فإنّ ذلك معناه جعل عدم القصاص وهكذا حينما لا يجعل الخمس في الميراث فإنّ معنى ذلك هو جعل عدم الخمس في الميراث.
* * *
٣٠٦ ـ الحكم المقابل للفتوى
المراد من الفتوى هي بيان الفقيه للحكم الكلّي بنحو القضيّة الحقيقيّة ، بحيث يكون الفقيه معها متصدّيا لتعيين الحكم المجعول من قبل الشريعة على موضوعه ومتعلّقه دون أن يكون له نظر الى موارد تطبيقه ، فيكون تحديد موارد التطبيق من شئون المقلّد لا من شئون المفتي.
وعليه لو اختلف في مورد وانّه من موارد تطبيق الفتوى أولا فإنّ المتعيّن هو نظر المقلّد لا نظر المفتي.
وأمّا الحكم المقابل للفتوى فهو بمعنى تصدّي الفقيه لإنشاء حكم جزئي في واقعة شخصيّة ، على أن تكون تلك الواقعة من سنخ أحد امور ثلاثة :