ذا المقدّمة يتولّد عنها بمجرّد ايجادها. ثمّ انّ افتراض حتميّة ذي المقدّمة بعد ايجاد مقدّمته التوليديّة لا ينفي صحّة التكليف بذي المقدّمة باعتبارها قهريّة وباعتبار عجز المكلّف عن التخلّف عنها ، وذلك لأنّ القدرة المصحّحة للتكليف هي القدرة على الفعل أو الترك ولو بواسطة القدرة على المقدّمة ايجادا وتركا.
* * *
٥٥٩ ـ مقدّمة الحرام
المراد من مقدّمة الحرام لا يختلف عن المراد من مقدّمة الواجب من حيث انّ المراد منها هو ما يتمكّن المكلّف بواسطتها من ارتكاب الحرام بحيث لو لم يوسط تلك المقدّمة لما كان من الممكن ارتكاب الحرام.
ومثاله : ما لو كان ارتكاب الحرام متوقفا على السفر بحيث لو لم يسافر لما أمكنه ارتكاب الحرمة المعيّنة ، فحينئذ يكون السفر من مقدّمات الحرام.
وقد قسم المحقّق النائيني رحمهالله مقدّمة الحرام الى ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل ، أن تكون مقدّمة الحرام من المقدّمات التوليديّة والتي لا يتوسّط بينها وبين ذي المقدّمة اختيار للمكلّف ، بمعنى انّه متى ما جاء بالمقدّمة ترتب على ذلك فعل الحرام حتما ، وهذا الفرض يتّفق فيما لو كانت المقدّمة علّة تامّة أو الجزء الأخير من العلّة التامّة لفعل الحرام.
وقد بنى المحقّق النائيني رحمهالله على انّ حرمة هذه المقدّمة حرمة نفسيّة وليست حرمة غيريّة ، إذ انّ الحرمة المجعولة على ذي المقدّمة مجعولة واقعا على المقدّمة ، وذلك لأنّ المقدور منهما انّما هو المقدّمة دون ذيها ، فيكون مصبّ الحرمة واقعا انّما هو المقدّمة.
وقد أورد عليه السيّد الخوئي رحمهالله بأنّ ذلك خلاف ما يبني عليه المحقّق النائيني رحمهالله نفسه من كفاية القدرة على المقدّمة في تصحيح التكليف بذي المقدّمة ، فذو المقدّمة وان لم يكن مقدورا ابتداء إلاّ انّ القدرة على مقدّمته معناه القدرة عليه ، وهذا هو