الوجوب هل يلزم منه وجوب مقدّماته أو لا؟ ومقدّمات الوجوب كما اتّضح ليست من هذا القبيل ، إذ انّه قبل تحقّقها لا وجوب حتى نبحث عن استلزامه لوجوب مقدّماته ، حيث قلنا انّ الوجوب انّما هو مترتّب عليها فلا يتعقّل أن يترشّح عنه وجوب لمقدّماته بعد افتراض عدمه قبل تحقّق مقدّماته.
فقبل الاستطاعة لا وجوب للحجّ حتى نبحث عن انّه هل يترشّح عن وجوب الحجّ وجوب تحصيل الاستطاعة ، وبعد تحقّق الفعليّة لوجوب الحجّ بسبب تحقّق الاستطاعة يكون ترشح الوجوب من وجوب الحجّ الى الاستطاعة بلا معنى ، لأنّه تحصيل للحاصل ، إذ المفترض انّ الاستطاعة قد تحقّقت وإلاّ لم يتحقّق الوجوب.
* * *
٥٦٩ ـ المقدّمة الوجوديّة
وهي المقدّمة التي يتوقّف إيجاد الواجب عليها ، بمعنى انّه لا يمكن تحصيل الواجب إلاّ بعد تحصيلها ، مثل السفر للحجّ بالنسبة للآفاقي ، فإنّ ايجاد الحجّ بالنسبة للآفاقي لا يتأتى إلاّ بواسطة تحصيل السفر الى مكّة المكرّمة والمشاعر.
وهذه هي المقدّمات المعبّر عنها بالمقدّمات الخارجيّة بالمعنى الأخصّ والتي هي خارجة عن المأمور به ذاتا وتقيدا كما أوضحنا ذلك.
ولا إشكال في دخول هذه المقدّمات في محلّ البحث ، وهو البحث عن الملازمة العقليّة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّماته ، بمعنى انّه هل يترشّح عن ايجاب الشيء وجوب لمقدّماته التي يتوقّف ايجاد الواجب عليها أو لا.
وهذا انّما هو بعد الفراغ عن تحقّق الفعليّة للوجوب ، أي بعد وجوب الواجب ومسئوليّة المكلّف عن امتثاله يقع البحث عن انّه هل يترشّح عن فعليّة الوجوب للواجب « المتعلّق » وجوب لمقدّماته المنوط تحصيل الواجب بوجودها أو لا؟