٥٧٠ ـ الملاك الاقتضائي
كلّ فعل فهو إمّا أن يكون واجدا للمصلحة واقعا أو واجدا للمفسدة ، وإمّا أن أن لا يكون واجدا لهما.
ففي الفرض الأوّل يعبّر عن المصلحة الواقعيّة بالملاك الاقتضائي ، وكذلك يعبّر عن المفسدة الواقعيّة. وأمّا الفرض الثاني فيعبّر عن حالة خلوّ الفعل عن المصلحة والمفسدة بالملاك غير الاقتضائي ، وفي كلا الفرضين كان التقسيم بلحاظ علاقة الفعل بالحكم ، فحينما يكون الفعل واجدا للمصلحة والمحبوبيّة فإنّه يقتضي البعث نحو الفعل بالمستوى المناسب للمصلحة الكامنة في الفعل ، وحينما يكون الفعل واجدا للمفسدة والمبغوضيّة فإنّه يقتضي الزجر عن الفعل بالمستوى المناسب للمفسدة.
وبذلك يتّضح منشأ التعبير عن الملاك بالاقتضائي حيث أنّ المصلحة الكامنة في الفعل تدعو وتسبّب البعث والتحريك ، فالملاك الاقتضائي هو ما ينتج الحكم بنحو البعث أو الزجر.
وأمّا حينما يكون الفعل غير واجد لأي مصلحة أو مفسدة فحينئذ لن يكون مقتضيا للبعث أو الزجر وسوف يكون المناسب من الأحكام لهذا الفعل هو جعل السعة وهو معنى آخر للحكم بالإباحة.
وبذلك يتّضح منشأ التعبير عنه بغير الاقتضائي حيث أنّه ليس ثمّة ما يقتضي البعث أو الزجر.
ثمّ إنّه قد تصادف الفعل حالة تقتضي جعل الإباحة في مورده ، فقد يكون واجدا للمصلحة في نفسه أو واجدا للمفسدة إلاّ أنّ مصلحة التسهيل مثلا تفوق الملاك الواقعي في الفعل فيجعل المولى الإباحة نظرا لمصلحة التسهيل ، فمصلحة التسهيل يعبّر عنها أيضا بالملاك الاقتضائي ، وذلك لأنّها اقتضت وتسبّبت في جعل الإباحة.
فهذا الفرض والفرض السابق وإن كانا يتّحدان في النتيجة وهو جعل الإباحة إلاّ أنّ الإباحة في الفرض