ومن هنا لا يصحّ أن يقال : « الإنسان انسان » لعدم وجود تغاير بين المحمول والمحمول عليه.
ثمّ انّ التغاير المصحّح للحمل قد يكون اعتباريا كما قد يكون ذاتيا :
أمّا التغاير الاعتباري : فهو الذي يكون معه المحمول والموضوع متّحدين ذاتا ، كما في حمل الجنس والفصل على النوع ، فإنّ النوع ليس شيئا آخر غير الجنس والفصل ، ومن هنا لا يكون ثمّة مصحّح للحمل سوى الاعتبار مثل الإجمال والتفصيل ، كما لو قيل : « الإنسان حيوان ناطق » ، فإنّ التغاير بين الموضوع والمحمول من جهة الإجمال والتفصيل.
وأمّا التغاير الذاتي : فهو ما يكون معه مفهوم الموضوع مباينا لمفهوم المحمول ، أي انّ المفهوم الماهوي لأحدهما مباينا للمفهوم الماهوي للآخر ، وهنا لا يصحّ الحمل إلاّ أن يكون بينهما اتّحاد في الوجود ، وهذا الفرض هو المعبّر عنه عندهم بالحمل الشائع الصناعي بخلاف الحمل في الفرض الأوّل فإنّه حمل أولي كما أوضحنا ذلك تحت عنوان « الحمل الأولي والحمل الشائع ».
ومثال ما كان بين المحمول والمحمول عليه تغاير ذاتي هو « الإنسان ضاحك » ، فإنّ المفهوم الماهوي للإنسان مباين للمفهوم الماهوي للضاحك إلاّ انّ أحدهما متّحد مع الآخر في الوجود ، وبهذا يتوفّر هذا الحمل على شرطيه ، إذ انّ التغاير الماهوي لا يمنع من صحّة الحمل بعد أن كان بينهما اتّحاد في الوجود ، نعم لو لم يكن بينهما اتّحاد في الوجود أيضا فإنّه لا يصحّ الحمل حينئذ ، فقولنا « الإنسان حجر » فاقد لكلا الشرطين ، إذ لا اتّحاد ذاتي بينهما كما انّه ليس بينهما اتّحاد في الوجود ، ومن هنا يكون الحمل ممتنعا.
* * *
٥٧٣ ـ مناسبات الحكم والموضوع
إنّ الأحكام المجعولة على موضوعاتها أو متعلّقاتها تكون عادة