موضوعه الشك في الحكم الواقعي ، فكلّ حكم ثبت لموضوعه دون أن يكون الشك في الحكم الواقعي جزء لذلك الموضوع فهو حكم واقعي ، سواء افترض في مورده الشك كما في الاحكام المستفادة بواسطة الأمارات أو لم يفترض كما في الاحكام المستفادة بواسطة الأدلّة القطعيّة.
وبهذا تخرج الاصول العمليّة ، لأنّها جميعا قد اخذ في موضوعها الشك في الحكم الواقعي ، فالبراءة مثلا موضوعها الجهل بالحكم الواقعي.
وقد ذكر بيان آخر للمعنى الثاني وهو انّه كلّما كان الحكم ثابتا بواسطة الدليل القطعي أو الدليل الاجتهادي فهو حكم واقعي إلاّ انّ ما ذكرناه أدقّ من هذا البيان.
* * *
٣٠٨ ـ الحكم الوضعي
قلنا انّ الحكم الشرعي اعتبار مولوي يتناسب مع ما يقتضيه الملاك في نفس الأمر والواقع ، وانّه ينقسم الى حكم تكليفي وحكم وضعي ، أمّا الحكم التكليفي فهو ما يتّصل بأفعال المكلّفين مباشرة وابتداء على وجه الاقتضاء أو التخيير.
ومنه يتّضح المراد من الحكم الوضعي ، فكلّ حكم لا يتّصل بأفعال المكلّفين ابتداء فهو حكم وضعي ، إذن فالحكم الوضعي لا يختلف عن الحكم التكليفي من جهة انّه اعتبار شرعي يتناسب مع ما يقتضيه الملاك في نفس الأمر والواقع وانّما يختلف عنه من جهة عدم اتّصاله بأفعال المكلّفين ابتداء على وجه الاقتضاء أو التخيير.
فكلّ اعتبار شرعي ليس من سنخ الأحكام التكليفيّة فهو حكم وضعي ، وذلك من قبيل الصّحة والفساد والجزئيّة والشرطيّة والزوجيّة والملكيّة والطهارة.
وهذا المقدار لا إشكال فيه وإنّما الإشكال من جهة انّ الحكم الوضعي مجعول بنحو الاستقلال كما هو الحال في جعل الوجوب والحرمة أو انّه منتزع من الحكم التكليفي أو انّ