٥٧٨ ـ موضوع الحكم
هو كلّ شيء أنيطت فعليّة الحكم به ، وهذا يقتضي الفراغ عن وجوده أو افتراضه في مرحلة سابقة عن جعل الحكم.
فوجوب الصلاة مثلا حكم أنيط بوجود مكلّف قد زالت عليه الشمس ، فوجود المكلّف والزوال كلاهما يمثّلان موضوع الوجوب للصلاة ذلك لأنّ فعليّة الوجوب قد أنيطت بهما.
وبذلك يتّضح أنّ كلّ شيء اعتبر سببا في ترتّب الفعليّة للحكم على فرض وجوده فهو موضوع الحكم في المصطلح الأصولي.
وببيان آخر :
إنّ الأحكام غالبا ما تكون مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة ، بمعنى أنّ الجاعل يفترض موضوعا للحكم ثمّ يجعل الحكم عليه ، ويكون ذلك منتجا لاشتراط الفعليّة والمسئوليّة عن امتثال الحكم بوجود الموضوع المفترض خارجا.
فعند ما يقول المولى « لا تشرب الخمر » فهذا معناه افتراضه لوجود مكلّف وصله هذا الخطاب ووجود خمر بين يديه. فلو اتّفق تحقّق هذين الأمرين فإنّ حرمة الشرب تكون حينئذ فعليّة. أمّا لو اتّفق عدم وجودهما أو عدم وجود أحدهما فإنّ الحرمة حينئذ لا تكون فعليّة.
وهذا يعني أنّ وجودهما شرط أو قل سبب في تحقّق الفعليّة للحكم بالحرمة ومن هنا قالوا أنّ الحكم متأخّر عن موضوعه ومتوقّف عليه فهو في عالم الجعل لا بدّ من تصوّره قبل جعل الحكم ، وفي عالم المجعول والفعليّة لا بدّ من وجوده أوّلا لكي يكون الحكم عندئذ فعليّا.
وبذلك يتّضح أنّ قيود الوجوب وقيود الحرمة تعدّ موضوعا للحكم سواء سيقت بصيغة الموضوع أو الشرط أو الغاية أو الوصف أو غير ذلك ، والضابطة في كلّ ذلك هو كلّ شيء تتوقّف فعليّة الحكم على وجوده