فالنسبة الاستثنائيّة لا وجود لها في الخارج وانّما ينتزعها الذهن عن النسبة الذهنيّة الواقعة بين المستثنى والمستثنى منه.
مثلا عند ما يقال : « جاء القوم إلاّ زيد » فإنّه لا يوجد في الخارج نسبة استثنائيّة بين القوم وزيد كما هو واضح ، نعم هناك نسبة بين القوم وزيد في الذهن ، هذه النسبة ينتزع عنها الذهن نسبة استثنائيّة ، فموطن هذه النسبة الاصلي هو الذهن ، ولهذا لو قطعنا النظر عنه لم يكن ثمّة نسبة استثنائيّة ، ومن هنا كانت معقولا ثانويّا ونسبة ثانويّة.
ثمّ انّ ما ذكر من انّ المعاني الحرفيّة نسب تحليليّة انّما هو خاص بالنسب الأوليّة المنتزعة عن الخارج ، وأمّا النسب الثانويّة فليست نسبا تحليليّة ، إذ انّ النسبة الثانويّة نسبة واقعة بين وجودين ذهنيين متغايرين في صقع الذهن هما المستثنى والمستثنى منه ، فالنسبة الثانويّة تحكي عن هذا الوجود الذهني الرابط ، فليس حالها كحال النسب الأوليّة المنتزعة عن الخارج حيث انّ ما ينتزعه الذهن عن الخارج انّما هو وجود وحداني يتمّ تحليله في الذهن الى وجودين ورابط. كما أوضحنا ذلك في النسبة التحليليّة.
* * *
٥٨٢ ـ النسبة
المراد من مفهوم النسبة هو الربط بين الشيئين أو بتعبير آخر النسبة بالحمل الاولي هي مفهوم يعبّر عن العلاقة والإضافة بين شيئين ، وهي من المعاني الاسميّة الاستقلاليّة القابلة للحضور في الذهن استقلالا والقابلة لأن تحمل عليها مفاهيم اخرى ، ولأن تحمل على مفاهيم اخرى فيقال مثلا : « النسبة مفهوم اسمي » ، كما يقال : « الفوقيّة والتحتيّة من المفاهيم النسبيّة ».
إلاّ انّها بالحمل الشائع ليست كذلك ، بمعنى انّ واقع النسبة ليس من المفاهيم الاسميّة الاستقلاليّة ، فلا يكون حضورها في الذهن إلاّ في اطار