عبارة عن الأمر بالفعل مع المنع عن تركه ، والنسخ عند ما يطرأ على الوجوب يرفع حيثيّة المنع عن الترك فيبقى جواز الفعل أو الأمر به على حاله ، فيكون دليل الوجوب المنسوخ صالحا للدلالة على الجواز بمعنى الإباحة أو الجواز بمعنى الاستحباب.
وقد اجيب عن هذا التقريب بعدم تماميّة أصل المبنى وانّ الوجوب هو المركّب من جواز الفعل والمنع عن الترك ، وذلك لأنّ الوجوب معنى بسيط فلا يفترض فيه إلاّ حالتان إمّا الوجود أو العدم ، فمع افتراض نسخه يكون معدوما.
وأمّا دعوى استفادة الجواز من الاستصحاب فتقريبه انّ الجواز قبل أن يطرأ النسخ محرز لمتعلّق الوجوب ثمّ بعد طروء النسخ على الوجوب وقع الشك في ارتفاع الجواز فنستصحب بقاءه.
وقد أورد السيّد الخوئي رحمهالله على هذا التقريب بأنّه من استصحاب الكلّي من القسم الثالث والذي هو ساقط عن الحجيّة ، وذلك لأنّ الجواز المتيقّن سابقا انّما هو الجواز الواقع في ضمن الوجوب وقد ارتفع يقينا بارتفاع الوجوب والجواز المشكوك انّما هو فرد آخر منه ، فما هو معلوم يقينا قد ارتفع يقينا وما هو مشكوك لم يكن لنا علم بحدوثه فلا تكون أركان الاستصحاب في مورده تامّة.
* * *
٥٨٦ ـ نفي الحكم بلسان الموضوع
المراد من هذا التعبير هو انّ النفي قد يدخل على موضوع ويكون الغرض منه نفي الطبيعة عن أن تكون واقعة في ضمن فرد ، وهذا ما يكون موجبا للدلالة على انتفاء الحكم ـ الثابت للطبيعة في مرحلة سابقة ـ عن الطبيعة الواقعة في ضمن هذا الفرد.
وبتعبير آخر : انّه قد يثبت حكم لطبيعة بنحو مطلق ، وهذا ما يقتضي انحلال الحكم الى أحكام بعدد أفراد تلك الطبيعة ثمّ يرد دليل آخر ينفي موضوعيّة فرد لتلك الطبيعة ، أي ينفي