الطبيعة قيد الوحدة.
وبذلك يتّضح انّ الضابطة في تمييز تنوين التنكير عن تنوين التمكين هو سياق الجملة المستعمل فيها اسم الجنس ، فإن كان التنوين مفيدا لقيد الوحدة فهو من تنوين التنكير وإلاّ فهو من تنوين التمكين.
* * *
٥٨٨ ـ النكرة في سياق النفي أو النهي
البحث في المقام عمّا هو مفاد النكرة المنفيّة بلا النافية للجنس مثل « لا رجل في الدار » وعمّا هو مفاد النكرة المنفيّة بلا الناهية مثل « لا تنهر يتيما ».
والظاهر انّه لم يقع خلاف بين الأعلام في استفادة العموم من هذين السياقين انّما البحث عمّا هو منشأ استفادة العموم منهما فقد قيل انّ ذلك ناشئ عن القرينة العقليّة ، وهي انّ الطبيعة المستفادة عن النكرة لما وقعت منفيّة بلا النافية أو الناهية فإنّ ذلك يقتضي انتفاء جميع أفرادها وإلاّ فمع وجود فرد للطبيعة خارجا لا تكون الطبيعة حينئذ منفيّة ، إذ الطبيعة توجد بأوّل وجودات أفرادها ، ومن هنا كان وقوع الطبيعة في سياق النفي أو النهي مفيدا للعموم ، فحينما يقال : « لا رجل في الدار » فإنّ ذلك معناه انتفاء جميع أفراد طبيعة الرجل ولو كان ثمّة رجل واحد في الدار لكانت القضيّة كاذبة ، إذ انّه يكفي في تحقّق الطبيعة وجود أحد أفرادها ، وهكذا عند ما يقال : « لا تنهر يتيما » فإنّ تحقّق الامتثال لا يكون إلاّ بعدم انتهار جميع أفراد طبيعة اليتيم.
وعلّق السيّد الصدر رحمهالله على ذلك ـ وكذلك هو المستظهر من كلمات بعض الأعلام ـ بأنّ استفادة العموم الاستغراقي من النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي ليس مرتبطا بالنكرة وانّما هو مرتبط بالسياق ، ومن هنا لو وقع اسم الجنس المعرّف في سياق النفي أو النهي لكان مفيدا للعموم الاستغراقي بنفس القرينة العقليّة المذكورة ، فلا فرق بين أن يقال : « لا تنهر يتيما » و « لا تنهر اليتيم ».