النهي بالعبادة ولكن بسبب مبغوضيّة جزء أو شرط أو وصف ملازم أو مفارق ، فيكون الجزء أو الشرط أو الوصف واسطة ثبوتيّة ، أي علّة لثبوت الحرمة للعبادة ، وقد لا يتعلّق النهي بالعبادة ابتداء وانّما يتعلّق بالجزء أو الشرط أو الوصف ، وحينئذ يكون تعلّق النهي بالعبادة عرضي.
وتفصيل ذلك لا يتّصل بالغرض إلاّ انّه نقول : انّ المعروف بين الأعلام هو انّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد ، والخلاف بينهم انّما وقع في حالات تعلّق النهي بجزء العبادة أو شرطها ، وأمّا تعلّق النهي بوصفها الملازم فالظاهر اشتهار القول باستلزامه الفساد أيضا.
* * *
٥٩٤ ـ النهي في المعاملات
ويقع البحث في المقام عن أنّ تعلّق النهي بالمعاملة هل يقتضي الحكم بفسادها أو إنّ النهي عنها لا يقتضي ذلك؟
ويمكن أن يتّضح الحال فيما يرتبط بهذه المسألة من ملاحظة متعلّق النهي ، ولذلك تصوّران :
التصوّر الأوّل : أن يكون متعلّق النهي هو المعنى المصدري للمعاملة ، أي يكون متعلّق النهي هو إنشاء المعاملة فمعنى حرمة البيع هو حرمة إنشائه وإيقاعه. وهذا هو معنى أنّ الحرمة قد يكون متعلّقها هو السبب.
فالبيع مثلا ينحلّ إلى سبب ومسبّب ، فالسبب هو إنشاؤه بواسطة الإيجاب والقبول والمسبّب هو الأثر المترتّب على إنشائه وهو التمليك والتملّك.
فلو كان متعلّق النهي هو المعنى المصدري أي هو السبب والإنشاء للمعاملة فإنّ النهي عندئذ لا يقتضي الفساد ، إذ لا ملازمة بين مبغوضيّة إيقاع العقد وبين عدم تصحيح الأثر المترتّب عليه ، فقد يكون إيقاع العقد مبغوضا للمولى ولكن لو اتّفق إيقاعه خارجا فإنّه يرى أنّ من المصلحة الحكم بصحّته وبترتّب أثره.