فحينما يقال : « زيد عالم » فإنّ الوجود ليس طرفا في هذه القضيّة وانّما هو الرابط بين زيد والعالم ، إذ انّ مآل هذه القضيّة هو انّ « زيدا الموجود عالم » ، ولهذا يعبّر عن هذه القضايا بالقضايا الثلاثيّة أو القضايا المركبة.
وبهذا اتضح منشأ التعبير عن الوجود لا في نفسه بالوجود الرابط ، وأمّا منشأ التعبير عنه بالوجود لا في نفسه فهو ما ذكره علماء اللغة في مقام التعريف للحرف وانّه « ما دلّ على معنى في غيره » ، فكما انّ معنى الحرف غير قابل للتصوّر بنحو مستقل عن طرفيه فكذلك الوجود الرابط.
والمتحصل انّ الوجود إذا كان بنحو المعنى الاسمي فهو وجود محمولي ، واذا كان بنحو المعنى الحرفي فهو وجود رابط.
ثمّ انّ الوجود المحمولي ينقسم الى وجود في نفسه لنفسه والى وجود في نفسه لغيره ، وهذا التقسيم للوجود المحمولي لا يتصل بعالم الذهن كما هو الحال في التقسيم الأول بل هو بلحاظ الخارج ، فالوجود المحمولي بلحاظ الخارج تارة يكون لنفسه وتارة يكون لغيره ، فإذا كان الوجود قائما بنفسه أي انّ له تقرر في الخارج بنحو مستقل عن الوجودات الاخرى فهو الموجود في نفسه لنفسه ويعبّر عنه بالوجود الجوهري وبالموجود لا في موضوع كوجود الإنسان والشجر والحجر.
أمّا لو كان الوجود متقوّما بغير ـ بمعنى انّ وجوده حالة وصفه لغيره ـ فهذا هو الموجود في نفسه لغيره ، أمّا انّه موجود في نفسه فلان تصوّره يكون بنحو المعنى الاسمي الاستقلالي ، وأمّا انّه موجود لغيره فلأنّ وجوده في الخارج لا يكون إلاّ في اطار موضوع ، وهذا هو المعبّر عنه بالعرض وهو الوجود الرابطي.
* * *
٦١٧ ـ الوجود المحمولي
الوجود المحمولي هو الوجود بمفاد كان التامّة ، ومفاد كان التامّة هو ثبوت الوجود لشيء ، فعند ما يحمل الوجود على واحد من الماهيات فإنّ