الدليل الأوّل ، وذلك لأنّ عنوان الفقير من الموضوعات التي يمكن نفيها واثباتها بواسطة التعبّد الشرعي ، وبذلك ينتفي موضوع الدليل الأوّل حقيقة عن الشخص الذي يملك قوت يومه وإن لم يكن مالكا لقوت سنته ولذلك لا يجب التصدّق عليه.
إلاّ انّه قد لا ينتفي موضوع الدليل الأوّل بواسطة التعبّد كما لو لم يتصدّ الشارع لتحديد معنى الفقير واتّكل في ذلك على العرف واتّفق ان كان معنى الفقير بنظر العرف هو من لا يملك قوت يومه ، فإنّ هذا الفهم العرفي لمعنى الفقير يكون نافيا لموضوع الدليل الأوّل ، بمعنى انّه ناف لموضوعيّة الذي يملك قوت يومه ـ وإن لم يكن مالكا لقوت سنته ـ للدليل الأوّل وبذلك لا يجب التصدّق عليه إلاّ انّ هذا الانتفاء لا يكون من الورود ، إذ لم يثبت الانتفاء بواسطة التعبّد وان كان الموضوع المنتفي من سنخ الموضوعات القابلة للنفي والإثبات الحقيقي بواسطة التعبّد الشرعي.
وبهذا يتحدّد المراد من الورود وانّه ليس بين الدليل الوارد والدليل المورود تعارض ، إذ انّ التعارض ـ كما اتّضح في محلّه ـ يعني التنافي بين مدلولي الدليلين ، وهذا يعني تكاذب الدليلين في مرحلة الجعل ، فأحدها ينفي واقعيّة مدلول الدليل الآخر ، وأمّا المقام فليس من هذا القبيل ، إذ لا تنافي أصلا بين الدليل الوارد والدليل المورود في مرحلة الجعل ، والتنافي بينهما انّما هو في مرحلة المجعول ، فأحدهما ينفي فعليّة الحكم للآخر بواسطة نفي موضوعه والذي يكون تحقّقه ووجوده هو مناط بلوغ الحكم مرحلة الفعليّة ـ كما أوضحنا ذلك مرارا ـ ولهذا لا يكون تقدّم الدليل الوارد على الدليل المورود محتاجا لأكثر من تصوّر المطلب.
* * *
٦٢٠ ـ الوضع
لا إشكال بين الأعلام في أنّ ثمّة علاقة سببيّة بين اللفظ والمعنى