يعني انّ الجعل والاعتبار هو المقوّم للملازمة بل بمعنى انّه علّة لإحداث الملازمة وبعد انحداث الملازمة بواسطة الجعل تصبح ملازمة واقعيّة تكوينيّة ، فنشوؤها عن الجعل والاعتبار لا يضرّ بواقعيّتها.
وقد أورد على هذا الاتّجاه بأن افتراض نشوء الملازمة عن الجعل والاعتبار يساوق عدم كون الملازمة واقعيّة ، إذ انّ الملازمة الواقعيّة لا تنشأ إلاّ عن سببيّة ذاتيّة حقيقيّة والفرض انّ الجعل والاعتبار ليس كذلك ، وحينئذ لا يكون مسبّبة واقعيا حقيقيا.
وبتعبير آخر : انّ الامور الواقعيّة غير قابلة للجعل والاعتبار إذ انّها لا تنشأ إلاّ عن أسباب حقيقيّة ، بمعنى انّ السببيّة تنشأ عن مقام الذات للسبب ، فإذا لم تكن سبيّة الاعتبار ذاتيّة فمن غير المعقول أن يكون مسبّبها واقعيا لعدم التسانخ بين السبب والمسبّب.
الاتّجاه الثاني : انّ العلاقة بين اللفظ والمعنى تنشأ عن عمليّة معيّنة يمارسها الواضع تنحدث عنها سببيّة بين اللفظ والمعنى ، هذه العمليّة عبارة عن اعتبار صفة خاصّة للفظ ـ كاعتباره علامة أو وجودا تنزيليّا للمعنى ـ هذه الصفة المعتبرة للفظ ينشأ عنها انخطار المعنى عند اطلاق اللفظ.
وهذا الاتّجاه هو السائد بين الأعلام إلاّ أنّهم مع ذلك اختلفوا في حقيقة هذه العمليّة التي يترتّب عليها علاقة السببيّة فالمشهور ذهبوا الى انّها عمليّة اعتبارية مع اختلافهم فيما هو المعتبر ، وأمّا السيّد الخوئي رحمهالله فذهب الى انّها عبارة عن التعهّد ، وقد أوضحنا المراد من نظريّة الاعتبار ونظريّة التعهّد تحت عنوانيهما.
* * *
٦٢١ ـ الوضع التعييني والتعيّني
الوضع التعييني هو الوضع الذي ينشأ عن تصدّي الواضع لجعل لفظ دالا على معنى بحيث يبذل عناية خاصّة يقصد منها انشاء علاقة السببيّة بين اللفظ والمعنى ، ومثاله ان يعتبر الواضع لفظ الأسد دالا على