وتبدّله الى الشك ، فاليقين والشكّ يتواردان على متعلّق واحد ويكون زمانهما متّحدا ، نعم تكون حالة اليقين في مورد القاعدة متقدّمة على حالة الشك.
مثلا : لو كنّا على يقين من عدالة زيد يوم الجمعة ثمّ وقع الشك في أصل اشتماله على العدالة في يوم الجمعة ، بمعنى تبدّل اليقين بالعدالة الى الشك فيها ، فالشكّ في مورد القاعدة يسرى لنفس اليقين ويطرده عن المتعلّق ويحلّ محلّه ، وهذا هو معنى الاتحاد الذاتي بين متعلّق اليقين والشك والاتّحاد الزماني في مورد قاعدة اليقين ، إذ انّ متعلّقهما هو العدالة في المثال وزمانهما واحد وهو يوم الجمعة ، غايته انّ حالة اليقين نشأت قبل حالة الشك.
وبهذا اتّضح الفرق بين موردي قاعدة اليقين وقاعدة الاستصحاب. هذا وقد ذكر السيّد الصدر رحمهالله فرقا آخر بين القاعدتين يتّصل بمنشإ اعتبار القاعدتين بنظر العقلاء.
فالاستصحاب لو كان من الأمارات العقلائيّة فإنّ منشأ اعتباره هو ما يقتضيه طبع وجود الحادث من البقاء والاستمرار ، فإنّ هذا الطبع التكويني ينتج وثوقا لدى العقلاء ببقاء ما وقع وان زواله بعد حدوثه خلاف ما يقتضيه طبع الحادث.
وأمّا منشأ اعتبار قاعدة اليقين فهو انّ اليقين عادة ما يكون مطابقا للواقع وانّ اتفاق الخطأ في حالات اليقين نادرة ، وهذا ما يوجب البناء على واقعيّة متعلّق اليقين ـ وان عرضه الشك بعد ذلك ـ اعتماد على أقربيّة اليقين للواقع.
إذن فملاك اعتبار الاستصحاب يختلف عن ملاك اعتبار قاعدة اليقين ، فملاك الأوّل هو ما يقتضيه طبع الحادث من البقاء والاستمرار ، وملاك الثاني هو أقربيّة اليقين للواقع.
* * *
٦٢٧ ـ اليقين الاستقرائي
قد أوضحنا المراد منه تحت عنوان التواتر.
* * *