٦٢٨ ـ اليقين المنطقي واليقين الاصولي
المراد من اليقين المنطقي هو القطع الناشئ عن البرهان والذي يساوق المطابقة مع الواقع دائما باعتبار اعتماده البرهان وسيلة للوصول اليه ، ولهذا قالوا انّ اعتماد القوانين المنطقيّة تعصم الذهن عن الخطأ في الفكر ، وما يقال انّ العصمة انّما تكون مختصّة بصورة الدليل باعتبار انّ ذلك هو ما يتصدّى علم المنطق لضبطه ، غير تام ، وذلك لأنّ البرهان العاصم عن الخطأ لا يعالج صورة القياس ـ مثلا ـ فحسب بل هو يعالج مواده أيضا فيشترط في مواد القياس البرهاني أن تكون من القضايا الست البديهيّة والتي تكون مطابقتها للواقع مضمونة باعتبارها بديهيّة وباعتبار انّ صورة القياس الواقعة في اطاره بديهيّة أيضا فذلك هو الضمان لحقّانيّة اليقين الناتج عن البرهان ، وأمّا القضايا الاخرى التي لا تكون بديهيّة فضمان حقّانيّة اليقين بما ينتج عنها هو رجوعها الى احدى القضايا الست البديهيّة والتي هي الأوّليات والفطريات والحسيّات والتجريبيات والحدسيّات والمتواترات.
والمتحصّل انّ اليقين المنطقي هو اليقين المعتمد على البرهان والذي لوحظ فيه ضمان المطابقة للواقع ، وهذا لا يعني انّ المتيقّن باليقين غير المنطقي محتملا لمنافاة يقينه للواقع بل المقصود من أخذ ضمان المطابقة للواقع في اليقين المنطقي هو اعتماده على القضايا التي لا تتخلّف بمقتضى برهانيتها عن الواقع.
وأمّا المراد من اليقين الاصولي فهو الجزم بقطع النظر عن منشئه ، أي سواء نشأ عن البرهان أو عن مناشئ اخرى حتى لو كانت من قبيل الجدل والمغالطة والسفسطة.
* * *
٦٢٩ ـ اليقين والشك
بين اليقين والشك نسبة التضاد ، إذ اليقين معناه الجزم واستقرار النفس على الثبوت أو الانتفاء والشك يعني